نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 211
الرجل والمرأة ليعملان وكان بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ) ثم قرأ علي أبو هريرة من ههنا : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ) حتى بلغ : ( ذلك الفوز العظيم ) . فهذه الأخبار مع ما قدمنا توجب على من علم جنفا في الوصية من موص أن يرده إلى العدل إذا أمكنه ذلك . فإن قيل : على ماذا يعود الضمير الذي في قوله ( بينهم ) ؟ قيل له : لما ذكر الله الموصي أفاد بفحوى الخطاب أن هناك موصى له ووارثا تنازعوا ، فعاد الضمير إليهم بفحوى الخطاب في الإصلاح بينهم ، وأنشد الفراء : وما أدري إذا يممت أرضا * روى أريد الخير أيهما يليني أألخير ولم الذي أنا أبتغيه * أم الشر الذي هو يبتغيني فكنى في البيت الأول عن الشر بعد ذكر الخير وحده لما في فحوى اللفظ من الدلالة عليه عند ذكر الخير وغيره . وقد قيل : إن الضمير عائدا على المذكورين في ابتداء الخطاب ، وهم الوالدان والأقربون . وقد أفادت هذه الآية على أن على الوصي والحاكم والوارث وكل من وقف على جور في الوصية من جهة الخطأ أو العمد ردها إلى العدل ، ودل على أن قوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه ) خاص في الوصية العادلة دون الجائرة . وفيها الدلالة على جواز اجتهاد الرأي والعمل على غالب الظن ، لأن الخوف من الميل يكون في غالب ظن الخائف . وفيها رخصة في الدخول بينهم على وجه الإصلاح مع ما فيه من زيادة أو نقصان عن الحق بعد أن يكون ذلك بتراضيهم . والله الموفق . باب فرض الصيام قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فالله تعالى أوجب علينا فرض الصيام بهذه الآية ، لأن قوله ( كتب عليكم ) معناه فرض عليكم ، كقوله : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) [ البقرة : 216 ] وقوله : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) [ النساء : 103 ] يعني فرضا موقتا . والصيام في اللغة هو الإمساك ، قال الله تعالى : ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) [ مريم : 26 ] يعني صمتا ، فسمى الإمساك عن الكلام صوما . ويقال : ( خيل صيام ) إذا كانت ممسكة عن العلف ، و ( صامت الشمس نصف النهار ) لأنها ممسكة عن السير والحركة ، فهذا حكم هذا اللفظ في اللغة ،
211
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 211