responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 195


ألا ترى أنه يصح تكرار المعنى الواحد بلفظين مختلفين في خطاب واحد ولا يصلح مثله بلفظ واحد نحو قوله تعالى : ( وغرابيب سود ) [ فاطر : 27 ] ونحو قول الشاعر :
وألفى أبي قولها كذبا ومينا كرر المعنى الواحد بلفظين وكان ذلك سائغا ، ولا يصح مثله في تكرار اللفظ .
وكذلك قوله : ( ولكم في القصاص حياة ) لا تكرار فيه مع إفادته للقاتل من جهة القاتل ، إذ كان ذكر القصاص يفيد ذلك ، ألا ترى أنه لا يكون قصاصا إلا وقد تقدمه قتل من المقتص منه ؟ وفي قولهم ذكر للقتل وتكرار له في اللفظ ، وذلك نقصان في البلاغة ، فهذا وأشباهه مما يظهر به للمتأمل إبانة القرآن في جهة البلاغة والإعجاز من كلام البشر ، إذ ليس يوجد في كلام الفصحاء من جمع المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة مثل ما يوجد في كلام الله تعالى .
باب كيفية القصاص قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) وقال في آية أخرى : ( والجروح قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) [ البقرة : 194 ] وقال : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) [ النحل : 126 ] فأوجب بهذه الآي استيفاء المثل ولم يجعل لأحد ممن أوجب عليه أو على وليه أن يفعل بالجاني أكثر مما فعل .
واختلف الفقهاء في كيفية القصاص ، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر :
( على أي وجه قتله لم يقتل إلا بالسيف ) . وقال ابن القاسم عن مالك : ( إن قتله بعصا أو بحجر أو بالنار أو بالتغريق قتله بمثله ، فإن لم يمت بمثله فلا يزال يكرر عليه من جنس ما قتله به حتى يموت ، وإن زاد على فعل القاتل الأول ) . وقال ابن شبرمة : ( نضربه مثل ضربه ولا نضربه أكثر من ذلك ، وقد كانوا يكرهون المثلة ويقولون السيف يجزي عن ذلك كله ، فإن غمسه في الماء فإني لا أزال أغمسه فيه حتى يموت ) . وقال الشافعي : ( إن ضربه بحجر فلم يقلع عنه حتى مات فعل به مثل ذلك ، وإن حبسه بلا طعام ولا شراب حتى مات حبس ، فإن لم يمت في مثل تلك المدة قتل بالسيف ) .
قال أبو بكر : لما كان في مفهوم قوله : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) وقوله : ( الجروح قصاص ) استيفاء المثل من غير زيادة عليه ، كان محظورا على الولي استيفاء زيادة على فعل الجاني ، ومتى استوفى على مذهب من ذكرنا في التحريق والتغريق والرضخ بالحجارة والحبس أدى ذلك إلى أن يفعل به أكثر مما فعل ، لأنه إذا لم

195

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست