responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 108


خرج بعضهم عن إجماعهم أنه محجوج بالإجماع المتقدم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد شهد لهذه الجماعة بصحة قولها وجعلها حجة ودليلا ، فالخارج عنها بعد ذلك تارك لحكم دليله وحجته ، إذ غير جائز وجود دليل الله تعالى عاريا عن مدلوله .
مطلب يستحيل وجود النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
ويستحيل وجود النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيترك حكمه من طريق النسخ ، فدل ذلك على أن الاجماع في أي حال حصل من الأمة فهو حجة الله عز وجل غير سائغ لأحد تركه ولا الخروج عنه ، ومن حيث دلت الآية على صحة إجماع الصدر الأول ، فهي دالة على صحة إجماع أهل الأعصار ، إذ لم يخصص بذلك أهل عصر دون عصر . ولو جاز الاقتصار بحكم الآية على إجماع الصدر الأول دون أهل سائر الأعصار لجاز الاقتصار به على إجماع أهل سائر الأعصار دون الصدر الأول .
فإن قال قائل : لما قال : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) فوجه الخطاب إلى الموجودين في حال نزوله ، دل ذلك على أنهم هم المخصوصون به دون غيرهم ، فلا يدخلون في حكمهم إلا بدلالة ! قيل له : هذا غلط ، لأن قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) هو خطاب لجميع الأمة : أولها وآخرها ، من كان منهم موجودا في وقت نزول الآية ومن جاء بعدهم إلى قيام الساعة ، كما أن قوله تعالى : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) [ البقرة : 183 ] وقوله عليكم ( كتب عليكم القصاص ) [ البقرة : 87 ] ونحو ذلك من الآي خطاب لجميع الأمة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثا إلى جميعها : من كان منهم موجودا في عصره ومن جاء بعده ، قال الله تعالى : ( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) [ الأحزاب : 45 ] ، وقال تعالى :
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) [ الأنبياء : 107 ] . وما أحسب مسلما يستجيز إطلاق القول بأن النبي عليه السلام لم يكن مبعوثا إلى جميع الأمة أولها وآخرها ، وأنه لم يكن حجة عليها وشاهدا ، وأنه لم يكن رحمة لكافتها .
فإن قال قائل : لما قال الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) واسم الأمة يتناول الموجودين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعدهم إلى قيام الساعة ، فإنما حكم لجماعتها بالعدالة وقبول الشهادة ، وليس فيه حكم لأهل عصر واحد بالعدالة وقبول الشهادة ، فمن أين حكمت لأهل كل عصر بالعدالة حتى جعلتهم حجة على من بعدهم ، قيل له : لما جعل من حكم له بالعدالة حجة على غيره فيما يخبر به أو يعتقده من أحكام الله تعالى ، وكان معلوما أن ذلك صفة قد حصلت له في الدنيا وأخبر تعالى بأنهم شهداء على الناس ، فلو اعتبر أول الأمة وآخرها في كونها حجة له عليهم ، لعلمنا أن المراد أهل

108

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست