فقال : لا والله ما أمرك بهذا إلا الشيطان ! فقال إبراهيم : لا والله لا أكلمك ، ثم عزم إبراهيم على الذبح . فقال : يا إبراهيم إنك إمام يقتدى بك ، وإنك إن ذبحته ذبح الناس أولادهم ! فلم يكلمه . وأقبل إلى الغلام فاستشاره في الذبح ، فقال الغلام كما حكى الله : امض كما أمرك الله به ، فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام : يا أبت خمر [1] وجهي وشد وثاقي ! فقال إبراهيم : يا بني ! الوثاق مع الذبح ؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم ، فرمى له بقرطان الحمار [2] ثم أضجعه عليه وأخذ المدية فوضعها على حلقه ، ورفع رأسه إلى السماء ثم انتحى عليه بالمدية فقلب جبرئيل المدية على قفاها وأثار الغلام من تحته ، واجتر الكبش من قبل ثبير الجبل الذي عن يمين مسجد منى وكان أملح أغبر أقرن يمشي في سواد ويأكل في سواد ، فوضعه مكان الغلام ، ونودي من ( قبل ) مسجد الخيف * ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين ) * [3] . ولحق إبليس بأم الغلام بحذاء البيت في وسط الوادي فقال لها : رأيت شيخا ومعه وصيف قد أضجعه الشيخ وأخذ المدية ليذبحه ! فقالت : كذبت ، إن إبراهيم أرحم الناس ، كيف يذبح ابنه ! قال : فورب السماء والأرض ورب هذا البيت ، لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية !
[1] خمر : استره بالخمار . [2] قرطان الحمار : ما يجعل على ظهره من الجل والقماش . [3] الصافات : 104 - 106 .