في الصحراء بلا حواجز وموانع طبيعية أو غيرها ، كانوا يشعرون بحاجتهم إلى حماية أنفسهم والدفاع عنها ، ولا يرد عنه إلا يده وسيفه ثم أهله وعشيرته ، وهو يرى نفسه في كل حين عرضة للغزو والنهب والسلب والغارات والثارات . إن حياة البادية والغزو المفاجئ وعمليات الاغتيال ثأرا التي كانت تهددهم دائما ، كل ذلك كان يستدعي سرعة الإقدام ومباشرة العمل فورا ، فإذا أضيف إلى ذلك عدم شعورهم بالمسؤولية عما يفعلون ، فإن الإقدام بلا ترو ولا تريث لا بد وأن يصبح هو الصفة المميزة لهم والطاغية على تصرفاتهم . . ولذا فقد قل أن تجد فيهم حليما . وأخيرا فقد نعى القرآن الكريم على الجاهلية هذه الحمية فعبر عنها بالحمية الجاهلية ، وهذا يعني أنها كانت من دون تثبت في الفكر والرأي بل للجهل ، فكيف تكون ميزة ؟ ! أجل إن الإسلام حاول أن يضع هذه الحمية في خطها الصحيح وأن يجعلها تنطلق من قواعد إنسانية وعواطف حقيقية وفضائل أخلاقية ، وبالأخص من إحساس ديني صحيح ، وأن يستفيد منها في بناء الأمة على أسس صحيحة وسليمة . فقد حاول أن يوجه العصبية القبلية وجهة بناءة ويقضي على كل عناصر الشر والانحراف فيها ، فدعى إلى بر الوالدين وإلى صلة الرحم ، وجعل ذلك من الواجبات وذلك لربط الأمة المسلمة بعضها ببعض . وفي الوقت نفسه أدان كل تعصب لغير الحق وندد به وعاقب عليه ، واعتبر ذلك من دعوات الجاهلية المنتنة كما جاء في بعض نصوص الأحاديث . وكذلك حاول أن يوجه غيرتهم وحميتهم وشدتهم إلى حيث