وكان عبد الله بن أبي بن سلول شريفا في الخزرج ، ولكنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث ولم يعنهم على الأوس وقال : هذا ظلم منكم للأوس ولا أعين على الظلم . فرضيت به الأوس والخزرج واجتمعوا على أن يملكوه عليهم لشرفه وسخائه ، وحتى أنهم اتخذوا له إكليلا احتاجوا في تمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها . . . وكان أسعد بن زرارة ( الخزرجي من بني النجار أخوال الرسول ) صديقا لعتبة بن ربيعة المخزومي ، فخرج هو وذكوان إلى مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس ، فلما نزل على عتبة قال له : انه كان بيننا وبين قومنا حرب ، وقد جئناكم نطلب الحلف عليهم . فقال عتبة : بعدت دارنا عن داركم ، ولنا شغل لا نتفرغ معه لشئ ! قال أسعد : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم ؟ قال له عتبة : خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله ، سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا . فقال له أسعد : من هو منكم ؟ قال : ابن عبد الله بن عبد المطلب ، من أوسطنا شرفا وأعظمنا بيتا . وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم : النضير وقريظة وقينقاع : أن هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره إلى المدينة ، لنقتلنكم به يا معشر العرب ! فلما سمع ذلك الكلام من عتبة وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود فقال : أين هو ؟ قال : جالس في الحجر ، وإنهم لا يخرجون من شعبهم الا في الموسم ، فلا تسمع منه ولا تكلمه فإنه ساحر يسحرك بكلامه . فقال له أسعد : فكيف أصنع وأنا معتمر لابد لي أن أطوف بالبيت ؟