النار . وألقته قريش في النار فقال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت بردا وسلاما على إبراهيم . فلم تصله النار ولم يصبه منها مكروه [1] وهذا يدل على وجود الرسول في مكة حينذاك ، فلعل ذلك كان في أيام الموسم إذ كان يخرج فيه النبي وبنو هاشم وسيأتي أن الآيات الأولى من آخر سورة مكية هي " العنكبوت " نزلت في عمار بن ياسر أيضا ، ولعلنا نجد في ذلك حلا للاشكال ، ومحملا لهذه الأخبار التي تفيد أن عمارا عذب قبيل هجرته بل وقد هاجر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنه هاجر إلى المدينة ولكنه لم يواجه الرسول حياء منه لما قاله من كلمة الكفر ، أو واجهه وهو يبكي من ذلك ، حتى طمأنه النبي بعدم الاثم عليه . فان هذه الأخبار انما تناسب تلك الفترة لا قبلها . وأيضا نجد بالقول بتعدد الموقف لعمار ، محملا جميلا لطيفا لقول الرسول له : " إن عادوا لك فعد لهم " بأنها كلمة قالها له في هذه المرة مشيرا له بلطف إلى أن هذا الأمر سيتكرر منهم ومنك ، وأن الإشارة إلى تكرار ذلك أيام هجرته . ولكن الرواة خلطوا فجعلوا هذه الجملة مقولة له من الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في المدينة بعد الهجرة حيث لا توقع بعودة مشركي قريش إلى تعذيب عمار لافتتانه عن دينه . فما معنى أن يقول له الرسول : ان عادوا فعد لهم ؟ . ونجد بذلك أيضا محملا لخلط بعض الرواة حيث رووا ما يفيد أن هذه الآية من سورة النحل المكية نزلت بعد الهجرة في عمار ، كما مر عن
[1] رجال الكشي : 30 ط مشهد . وروى مختصر الخبر ابن هشام عن ابن إسحاق 1 : 342 .