وحصر المشركين للرسول وبني هاشم مدة ثلاث سنين أو نحوها من جملة الحوادث المهمة في تأريخ الإسلام بعد البعثة وقبل الهجرة ، وهي : إنذار يوم الدار ، والاسراء والمعراج ، والهجرة إلى الحبشة ، والهجرة إلى الطائف ، ثم الهجرة إلى المدينة . وقد وردت الإشارة في آيات القرآن الكريم إلى الانذار والاسراء والمعراج بالاجمال في سورتي الاسراء والنجم ، وكذلك الهجرة الأخيرة إلى المدينة ، أما حادث الحصار والهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى الطائف فلا نجد في آيات القرآن الكريم إشارة إليها حسب التفسير المشهور . ولتبين مدى صحة دعوى المرحلة السرية مع نزول القرآن فيها ، استعرضت ما نزل من القرآن حتى سورة الحجر التي فيها * ( فاصدع بما تؤمر ) * وبعد ذلك أردت الدخول في سرد الحوادث ، ولكن حيث لاحظت الخلاف في ترتيبها وتواريخها رجعت إلى مواكبة السور المكية حسب ترتيب النزول . وهنا في سورة النحل في الآية الحادية والأربعين نقف على ذكر الهجرة في قوله سبحانه : * ( والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) * [1] . وهي أول آية تذكر الهجرة ، وهي في عداد آيات سورة النحل المكية ، وهي السورة السبعون ، وبعدها ست عشرة سورة نزلت في مكة قبل الهجرة ، فهل المعني بها الهجرة الأولى إلى الحبشة ؟ أم الثانية إلى المدينة ؟ نقل الطبرسي في " مجمع البيان " عن الحسن وقتادة : أن قوله