ثم مشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له : يا أبا عبد شمس ، وفت ذمتك ، قد رددت إليك جوارك . . . قال : فانطلق إلى المسجد فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية . فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد ، فقال الوليد : هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري . قال : صدق ، قد وجدته وفيا كريم الجوار ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله ، فقد رددت عليه جواره . ثم انصرف . وكان لبيد بن ربيعة الشاعر جالسا في مجلس قريش ينشدهم ، فجلس معهم عثمان ، فقال لبيد : الأكل شئ - ما خلا الله - باطل . فقال عثمان : صدقت . قال لبيد : وكل نعيم - لا محالة - زائل . فقال عثمان : نعيم الجنة لا يزول . فقال لبيد : يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم ؟ فقال رجل من القوم : ان هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا ، فلا تجدن في نفسك من قوله . فرد عليه عثمان حتى استشرى أمرهما وعظم ، فقام إليه الرجل فلطم عينه فخضرها [1] . والحوار في الخبر - إن صح - بين الرجل من قريش ولبيد الشاعر يشعر بعدم انتشار أخبار الإسلام بما يبلغ الشاعر لبيد بن ربيعة ، وكذلك ينم عن عدم منابذة المسلمين للمشركين كافة بما يحترز معه ابن مظعون عن
[1] سيرة ابن هشام 2 : 8 - 10 وقد أطلق الخضرة على السواد هنا كما قد يطلق السواد على الخضرة فيقال : سواد العراق يراد خضرة زروعها ، إذ الخضرة من بعيد زرقاء داكنة مكدرة اللون .