جعفر : نعم . قال النجاشي : فاقرأه علي . فقرأ صدرا من * ( كهيعص ) * [1] فبكى - والله - النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة . ثم قال لعمرو وعبيد الله : انطلقا فلا - والله - لا أسلمهم إليكما ولا يكادون . فخرجا من عنده . وقال عمرو بن العاص : والله لآتينه غدا عنهم بما استأصل به خضراءهم ، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد . وكان عبد الله بن ربيعة أتقى الرجلين فقال : لا أفعل فان لهم أرحاما . فغدا عليه عمرو من الغد فقال له : أيها الملك ، انهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه : فأرسل إليهم ليسألهم عنه . فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض : ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه ؟ قالوا : نقول - والله - ما قال الله وما جاء به نبينا ، كائنا في ذلك ما هو كائن . فلما دخلوا عليه قال لهم : ماذا تقولون في عيسى بن مريم ؟ فقال جعفر بن أبي طالب : نقول فيه بالذي جاء به نبينا - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - : هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ، ألقاها إلى مريم العذراء البتول . فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود ( أي بمقداره ) فتناخرت بطارقته
[1] مريم : 1 ، وهي السورة الرابعة والأربعون في ترتيب النزول .