مكة ، إذ كان التوقف فيها صعبا على المؤمنين بالنبي ، والمشركون يزيدون كل يوم في التشديد عليهم وفتنتهم . . . والذي ينطبق على مورد الآية هو الصبر على مصائب الدنيا وخاصة ما يصيب من جهة أهل الكفر والفسوق من آمن بالله وأخلص له دينه واتقاه [1] ولم ينسبه إلى أحد . والظاهر أنه أخذه من الطبرسي قال : هذا حث لهم على الهجرة من مكة ، عن ابن عباس ، أي لا عذر لأحد في ترك طاعة الله ، فان لم يتمكن منها في أرض فليتحول إلى أخرى يتمكن منها فيها ، كقوله : * ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) * [2] وقبله روى الطوسي معناه عن مجاهد [3] . فالكلام رواية عن مجاهد عن ابن عباس ، وهي لا تصرح بمقصد الهجرة من مكة إلى أين ، ولم يرد دليل أو إشارة إلى أن تعيين الهجرة إلى الحبشة كان وحيا ، بل الظاهر أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رأى أن خير مصداق لسعة أرض الله لهم هي الحبشة ، وعبر عن ذلك بقوله : " هي أرض صدق ، فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد " [4] . وعن ظروف نزول هذه الآية في سورة الزمر قال الطبرسي في " مجمع البيان " : قال المفسرون : ائتمرت قريش أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم ، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يؤذونهم ويعذبونهم ، فافتتن من افتتن وعصم الله منهم من شاء . ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب . فلما
[1] الميزان 17 : 244 . [2] مجمع البيان 8 : 767 . [3] البيان 9 : 13 . [4] سيرة ابن هشام 1 : 344 ورواه الطبرسي في مجمع البيان 3 : 360 عن المفسرين .