وسبق أيضا في معنى قوله سبحانه : * ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) * عدم التسليم لما اشتهر في معناه أنه أمر بإظهار الدعوة العامة والإعلان بها ، واختيار خبر المفيد أن الآية أمر بالإعراض عن تهديد المشركين المستهزئين الستة المقتسمين الأبواب الستة لمنع الحجاج والمعتمرين عن الاستماع والاستجابة للرسول الأمين ، الذين أمهلوه إلى الزوال ليترك أمره أو يقتلوه . فالآية أمر له بالاعراض عن هذا التهديد لهؤلاء المشركين والصدع بأمره ، لا ابتداء به بل استمرارا واستدامة فيه . وسبق أن لولا هذا المعنى لما كان أي معنى مناسب للاعراض عن المشركين في الآية ، بل كان الأنسب أن يؤمر بالتصدي لهم لا بالاعراض عنهم . وكذلك ما كان من المناسب أن يتواجد هناك مستهزئون معروفون بذلك ، مقتسمون لأبواب مكة للمنع عنه في حين أن دعوته سرية . إذن فالصدع بالأمر وإعلان الدعوة لم يكن الحدث الآخر المشار إليه في هذه الآيات الأواخر من " سورة الحجر " بل هو الحدث الأول المشار إليه بالآيات الأوائل من سورة القلم أو المدثر أو الضحى . ويبقى أهم الأحداث المشار إليها فيما نزل من القرآن إلى آخر " سورة الحجر " : المعراج في ( سورة النجم : 23 ) ثم إنذار العشيرة الأقربين في ( سورة الشعراء : 42 ) ثم الإسراء في ( سورة الإسراء : 50 ) . إذن فالإنذار كان بين المعراج والإسراء ، بعد المعراج بكثير وقبل الإسراء بقليل . فمتى كانت هذه الحوادث ؟ وقبل الوصول إلى جواب هذا السؤال أقول : إنما فرقت هنا بين المعراج والإسراء وقدمت ذكر المعراج على الإسراء تبعا لسورتي النجم والإسراء في ترتيب النزول ، وسورة النجم لم تذكر الإسراء وسورة الإسراء