سياق الآيات يشهد بأن المشركين من قوم النبي ( صلى الله عليه وآله ) راجعوا بعض أهل الكتاب واستفتوهم في أمره وعرضوا عليهم بعض القرآن النازل عليه ، وهو مصدق للتوراة . فأجابوهم بتصديقه والايمان بما يتضمنه القرآن من المعارف الحقة ، وأنهم كانوا يعرفونه بأوصافه قبل أن يبعث كما قال الله تعالى : * ( وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) * [1] . فساء المشركين ذلك وشاجروهم وأغلظوا عليهم في القول وقالوا : إن القرآن سحر والتوراة سحر مثله * ( سحران تظاهرا وقالوا انا بكل كافرون ) * فأعرض الكتابيون عنهم وقالوا : * ( سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) * [2] هذا ما تلوح به الآيات الكريمة بسياقها [3] . ولم يذكر الخبر من هؤلاء العلماء اليهود من أهل يثرب الذين صدقوا بالقرآن فأغضبوا المشركين ، وأثنى عليهم القرآن في هذه الآيات ؟ ولعلهم هم الذين أسلموا منهم فيما بعد : تميم الداري والجارود العبدي وعبد الله بن سلام ، الذين نقل الطبرسي في " مجمع البيان " عن قتادة : أنهم لما أسلموا نزلت فيهم الآيات : * ( الذين آتيناهم الكتاب ) * بينما الآيات مكية من سورة مكية قبل الهجرة إلى المدينة . وقد ذكر في الخبر معهم سلمان الفارسي أيضا ، وهو غريب ! [4] .