ولكن يبقى أن ابن شهرآشوب بدل جبرئيل بإسرافيل سهوا . أما من طرقنا فلا أقل مما ذكره الشيخ المفيد في " الاختصاص " قال : " قرن إسرافيل برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثلاث سنين ، يسمع الصوت ولا يرى شيئا ، ثم قرن به جبرئيل ( عليه السلام ) عشر سنين ، وذلك حيث أوحي إليه ، فأقام بمكة عشر سنين ثم هاجر إلى المدينة فأقام بها عشر سنين [1] . وهذا يعني أن تلك السنوات الثلاث كانت منذ بدء البعثة في الأربعين من عمره ( صلى الله عليه وآله ) إلى الثالث والأربعين ، كما نص عليه داود بن عامر في خبره . وابن داود لم يذكر أ نه لم يكن يرى شخصه ، وانما نص عليه خبر الشعبي وما ذكره الشيخ المفيد وابن شهرآشوب . فعلى ماذا كان قبل البعثة ؟ قبل أن نقف وإياكم على مختلف الأخبار في هذا المضمار ، لنعد فنعيد النظرة على واقع حال الرسول ( صلى الله عليه وآله ) فيما قبل البعثة من حيث العبادة والديانة . والحقيقة هي أن واقع الحال في البعثة وما قبلها غير بين ، فالقرآن الكريم يقول : * ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) * [2] فحيث لم يكن يدري قبل بعثته ما الكتاب ولا الإيمان فهل لم يكن كذلك يؤمن ويتدين بكتاب أو دين كما هو ظاهر لفظ القرآن الكريم ؟ أم ماذا ؟ وأقدم ما نعلم من السابقة التأريخية لهذا التساؤل - مع الأسف - ليس
[1] الاختصاص : 130 ، ولا نؤكد نسبة الاختصاص إلى الشيخ المفيد . [2] الشورى : 52 .