وعلي بابها ! فسر الحاضرون بذلك ، فسألوه أن يخرج لهم إسناده ، فوعدهم به [1] وذكر القصة ابن عساكر فقال : فأنعم ولم يخرجه لهم [2] . أجل ، هكذا كانت الأحاديث تلفق لأغراض سياسية ولأهواء عاجلة حتى كثرت وشاعت . هذا ، وقد تولى كتاب السيرة كتابتها - كما مر خبرها - للخلفاء : فابن إسحاق كتب سيرته للمنصور وابنه المهدي ، والواقدي كتب مغازيه للرشيد ووزيره يحيى بن خالد البرمكي ، اللهم إلا هشام الكلبي والمدائني فإنهما لم يكتبا لأحد منهم ، ولكنهم كلهم ما كان لهم أن ينازعوا مع الخليفة في آرائه خوفا منه ، ولذلك فإنه لا ينطبق على ما كتبوه مقاييس الصحة بدقة . ومن أمثلة الاختلاف في النقل الذي يبدأ بذكر معجزة نراها تزيد بزيادة الزمان إلى معاجز : ما حدث في أثناء مسيرة جيش العسرة إلى تبوك : فقد روى ابن هشام قال : " قال ابن إسحاق : فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه ج وآله ج وسلم - فدعا رسول الله ، فأرسل الله سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء " [3] . أما صحيح مسلم فيروي قصة تبوك بصورة أخرى لا تقتصر على هذه المعجزة بل تزيدها زيادة كثيرة على غير ما ورد في سيرة ابن إسحاق :
[1] لسان الميزان 1 : 422 . [2] تأريخ ابن عساكر 3 : 34 وانظر كتاب : فتح الملك العلي بصحة حديث مدينة العلم علي : 156 ط - الحيدرية - النجف الأشرف . بتحقيق الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني النجفي . [3] السيرة النبوية ، لابن هشام 3 و 4 : 522 .