بل مضاربا بأموالها . ومجمل القول : إن رواية اليعقوبي عن عمار بن ياسر تنفي أن يكون النبي أجيرا لأحد حتى خديجة ، كما تنفي أن يكون قد رعى الغنم لأحد من المكيين ، كما ادعي عن أبي هريرة . والعمل لا يتنافى مع العبقريات والنبوات ، ولا يضع من شأن الانسان مهما كان ، بل هو من أفضل الطاعات إذا كان في سبيل العيال والأولاد وخير الناس ، ولكن تأريخ محمد منذ ولادته إلى أن بلغ سن الرجولة وأصبح زوجا لخير امرأة عرفها تأريخ المرأة ، ومواقف جده ثم عمه والمراحل التي عاش فيها معهما عزيزا موفور الكرامة ، لا يفارقهما في ليل أو نهار ، يبذلان في سبيل راحته واطمئنانه الغالي والنفس ، من تتبع ذلك وأدرك أنهما منذ طفولته كانا يترقبان له مستقبلا يهز العالم من أقصاه إلى أقصاه ويحدث تحولا في تأريخ البشرية ، وأنهما كانا يخافان عليه دعاة الأديان وطواغيت العرب . . لابد وأن يقف على أقل التقادير موقف المشكك من تلك المرويات التي تنص على أ نه كان يرعى الغنم للمكيين بالقراريط ، ويذهب بعد ذلك أجيرا إلى الشام في تجارة خديجة بقسم من الأرباح ، سيما بعد رواية اليعقوبي عن عمار بن ياسر أ نه لم يكن أجيرا لأحد من الناس ، وأن زواجه من خديجة لم يكن مسبوقا بمعاملة بينهما ، بل كان بناء على رغبتها بعد أن وجدت فيه الرجل الذي يمكن أن ترتاح إليه ، وقد بلغت الأربعين ، وأشراف قريش يطمعون في زواجها بالطمع في ثرائها . أما محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وآله ) فقد وجدت فيه حسب المعلومات التي توفرت لديها عنه ضربا آخر من الرجال لا تستغويه متعة الدنيا ، فطلبته إلى نفسها وأرسلت إليه من يشجعه على خطبتها من عمها أو ابن عمها .