بمكة وحجابة البيت . فانحازوا عنه وصاروا إلى صوفة ، فأجمع قصي لحربهم واستمد من اخوانه من الرضاعة في بني عذرة من قضاعة ، وقيل إنهم وافوا يريدون الحج فأعانوه ، فاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح وكثرت القتلى في الفريقين ثم تداعوا إلى الصلح بالتحاكم إلى يعمر بن عوف من بني كنانة ، فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالبيت وأمر مكة من خزاعة ، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر فهو موضوع ، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش ففيه الدية ، فودوا خمسا وعشرين بدنة وثلاثين حرجا ، أي قطيعا من الغنم . وروى بعضهم : أ نه لما تزوج قصي حبى ابنة حليل الخزاعي ، أوصى حليل عند موته بولاية البيت إلى قصي . وقال آخرون : بل دفع حليل الخزاعي مفتاح البيت إلى أبي غبشان سليمان بن عمرو ، فاشتراه قصي منه بزق خمر على إبل قعود - وهي الناقة التي يقتعدها الراعي في كل حاجته - فجرى مثلا في العرب فقالوا : أخس من صفقة أبي غبشان . ووثبت خزاعة فقالت : لا نرضى بما صنع أبو غبشان ، فوقعت بينهم الحرب . فولي قصي البيت وأمر مكة والحكم [1] واستقام أمره فعشر على من دخل مكة من غير قريش [2] ولم يكن في الحرم بمكة بيت ، انما كانوا يكونون بها نهارا فإذا أمسوا خرجوا ، وكانوا في الشعاب ورؤوس الجبال ، فجمع
[1] اليعقوبي 1 : 238 - 240 وكان ذلك في النصف الأول من القرن الخامس الميلادي كما في سيرة المصطفى : 30 . [2] مروج الذهب 2 : 32 .