وقد ولدت لأبي مرة معديكرب ، فولدت لأبرهة : مسروق بن أبرهة . وهرب أبو مرة سيف بن ذي يزن [1] . فروى الطبري عن الكلبي : ان أبا مرة سيف بن ذي يزن خرج من اليمن فلحق بعمرو بن المنذر من ملوك بني المنذر بالحيرة ، فسأله ان يكتب له إلى كسرى كتابا يعلمه فيه بقدره وشرفه وما فزع إليه فيه . فقال عمرو : لا تعجل ، فإن لي عليه في كل سنة وفادة ، وهذا وقتها . فأقام قبله حتى وفد عليه معه ، فدخل عمرو بن المنذر على كسرى فذكر له شرف ذي يزن وحاله ، واستأذن له . فأذن له كسرى . فدخل ، فأوسع عمرو له فلما رأى كسرى ذلك عرف شرفه وقد كان ابن ذي يزن قال قصيدة بالحميرية في مدح كسرى ، فلما ترجمت له أعجب بها ، فأقبل عليه ولطف به وسأله : ما الأمر الذي نزع بك ؟ قال : أيها الملك ! إن السودان قد غلبونا على بلادنا وركبوا منا أمورا شنيعة اجل الملك عن ذكرها ، فلو أن الملك تناولنا بنصره من غير أن نستنصره لكان بذلك حقيقا لفضله وكرمه وتقدمه على سائر الملوك ، فكيف وقد نزعنا إليه مؤملين له ، راجين أن يقصم الله عدونا وينصرنا عليهم وينتقم لنا به منهم ! فان رأى الملك أن يصدق ظننا ويحقق رجاءنا ، ويوجه معي جيشا ينفون هذا العدو عن بلادنا فيزدادها إلى ملكه فعل ، فإنها من أخصب البلدان وأكثرها خيرا ، وليست كما يلي الملك من بلاد العرب . فقال أنوشيروان : قد علمت أن بلادكم كما وصفت ، فأي السودان غلبوا عليها : الحبشة أم السند ؟ قال ابن ذي يزن : بل الحبشة .
[1] الطبري 2 : 130 عن ابن إسحاق و 142 عن هشام الكلبي وعنه سائر الحديث .