لأربعين سنة من ملك كسرى ، قبل مولد رسول الله بخمسين يوما [1] . قال ابن إسحاق : ولما رد الله الحبشة عن مكة وأصابهم بما أصابهم به من النقمة قالت العرب بشأن قريش : انهم أهل الله ، فقد قاتل الله عنهم وكفاهم مؤونة عدوهم ، وكان شعراء قريش يفخرون بذلك في شعرهم كثيرا . فلما بعث الله تعالى محمدا - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - جعل قصة أصحاب الفيل مما يعده على قريش من نعمته وفضله عليهم [2] فقال تعالى * ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ) * . قال ابن هشام : الأبابيل : الجماعات ، وأما السجيل ، فقد ذكر بعض المفسرين : أنهما كلمتان بالفارسية : سنج يعني الحجر ، وجل يعني الطين ، جعلتهما العرب كلمة واحدة تعني الحجارة من هذين الجنسين : الحجر والطين ، وهي حجارة شديدة صلبة . والعصف المأكول هو ورق الزرع الذي لم يقصب [3] أي أصابته آكلة الديدان فأكلت بعضه وبقي بعضه الاخر . بينما رجح الشيخ محمد عبده في تفسيره : أن الطير الذي ورد في الآية الكريمة من الجائز ان يكون من نوع البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض الفتاكة ، وأن تكون تلك الحجارة من الطين المسموم الذي
[1] مروج الذهب 2 : 53 و 274 ط بيروت . [2] سيرة ابن هشام 1 : 59 . [3] سيرة ابن هشام 1 : 55 ، ورواه الطوسي في التبيان 10 : 411 وعنه في مجمع البيان 5 : 281 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس .