فما كسوته ؟ قالوا : ما يذهب به إليه من ها هنا من الوسائل ، فقال : قسما بالمسيح لأبنين لكم خيرا منه ! فبنى لهم كنيسة عملها بالرخام الأسود والأصفر والأبيض والأحمر ، وحلاه بالذهب والفضة ، وحفها بالجواهر ، وجعل لها أبوابا عليها صفائح الذهب ، وجعل لها حجابا ، كانوا يلطخون جدرها بالمسك ويوقدون فيها بالمندل ( أو الصندل ، وهو عود هندي طيب الرائحة لا سيما عند الاحتراق ) وأمر الناس أن يحجوا إليها فحج إليها كثير من قبائل العرب سنين ، ومكث فيه رجال يتعبدون ويتألهون ويتنسكون له [1] وروي عن ابن إسحاق : انه سماها " القليس " [2] أي البناء المرتفع كالقبلة [3] . وروى الشيخ الطبرسي في ( مجمع البيان ) عن محمد بن إسحاق قال : إن أبرهة أبا يكسوم بنى بيتا باليمن وجعل لها قبابا من ذهب وأمر أهل مملكته بالحج إليها يضاهي بها البيت الحرام . فخرج رجل من بني كنانة حتى قدم اليمن فقعد فيها - يعني لحاجة الانسان - فدخلها أبرهة فوجد العذرة بها فقال : من اجترأ علي بهذا ؟ فقيل له في ذلك فقال : ونصرانيتي لأهدمن ذلك البيت حتى لا يحجه حاج أبدا ! وآذن قومه ومن اتبعه من أهل اليمن بالخروج ، فتتبعه ناس أكثرهم من عك والأشعريين وخثعم ، فخرج يحث السير حتى أتى الطائف فطلب
[1] الطبري 2 : 137 . [2] الطبري 2 : 130 . [3] قاله السهيلي في : الروض الأنف في شرح السيرة . وقيل : ان أبرهة كان قد جشم أهل اليمن في بنيان هذه الكنيسة ان ينقلوا إليها الحجارة والرخام من قصر بلقيس على فراسخ .