وما يتقربون به في دينهم حتى قعدوا للنار عند مخرجها التي تخرج منه ، وخرج الحبران متقلدين مصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا عند مخرج النار ، فخرجت النار إليهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حملها من رجال حمير ، ولما أقبلت نحو الحبرين هابوها وحادوا عنها ، فذمرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها ، فصبروا حتى غشيتهم ، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما ولم تضرهما . فأجمعت عند ذلك حمير على اليهودية . فكذلك كان أصل اليهودية باليمن [1] . ولا يظهر من خبر تبع تبان أسعد بن كليكرب هذا وتهود اليمن معه أكان قبل نسخ اليهودية بشريعة عيسى ( عليه السلام ) أو بعد ذلك ، الا انه كان بعد بلقيس وسليمان بن داود - وهو من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى - كان بعدهم بسبعة قرون تقريبا كما في التواريخ ، وبعد تبع تبان أسعد هذا بمدة غير قصيرة استولى على اليمن الثالث من أولاده بعد حسان وعمرو : زرعة ابن تبان أسعد ، يكنى ذا نؤاس ، وشاع أتباع دين المسيح ( عليه السلام ) على عهده في مدينة نجران ، فجعل يطلبهم ويحرقهم بالأخدود . وروى ابن هشام عن ابن
[1] تهذيب سيرة ابن هشام 20 ، 21 . والطبري 2 : 105 - 108 كذا ، وتبع هذا هو الملك العشرون من ملوك اليمن المعروفين المعدودين في كتب التاريخ ، والعاشر هي بلقيس ثم سليمان بن داود ثم ابنه أرحبعم بن سليمان . وسليمان من أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى ، والبعد الزمني بين بلقيس وسليمان وتبع هذا حسب كتب التأريخ سبعة قرون تقريبا ، ومعنى هذا أن اليمن كانت مسبوقة باليهودية كما حكى القرآن الكريم * ( وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ) * ( النمل : 24 ) لا الأوثان والعجب أن لم أجد من المؤرخين من تنبه لذلك أو تعرض له .