الماء ، فأنست إليهم وأذنت لهم في النزول . فتلقوا من وراءهم من أهليهم وأخبروهم خبر الماء ، فنزلوا الوادي مطمئنين مستبشرين بالماء ، وبما أضاء الوادي من نور النبوة وموضع البيت الحرام فرحين ، وتكلم إسماعيل بالعربية خلاف لغة أبيه . فقيل في بني كركر هؤلاء : انهم من جرهم ، وقيل إنهم من العماليق ، وان جرهم تسامعت ببني كركر ونزولهم الوادي وما فيه من الخصب وإدرار الضرع فبادروا نحو مكة [1] واستوطنوها مع إسماعيل ، وتزوج إسماعيل : سامة بنت مهلهل بن سعد بن عوف بن هيني بن نبت بن جرهم . وعاش إسماعيل مائة وسبعا وثلاثين سنة ، وولد له اثنا عشر ولدا ذكرا وهم : نابت ، وقيدار ، وأدبيل ، وميشام ، ومشمع ، ودوما ، ودوام ، ومشا ، وحداد ، وثيما ، ويطور ، ونافش ، وكل هؤلاء قد انسل . وقبض إسماعيل وله مائة وسبع وثلاثون سنة ، فدفن في المسجد الحرام حيال الموضع الذي فيه الحجر الأسود [2] . وقال اليعقوبي : ان ولد جرهم بن عامر لما صار أخوتهم من بني قحطان بن عامر [3] إلى اليمن فملكوا ، صاروا هم إلى أرض تهامة فجاوروا
[1] لا يخفى ان هذا خلاف ما مر من خبر القمي في تفسيره عن الصادق ( عليه السلام ) ، وأن جرهم كانت نازلة بعرفات ، وأنها أول من التقى بهاجر وسكن معها حول زمزم . [2] كذا في مروج الذهب 2 : 19 - 21 وسيأتي الصحيح عن اليعقوبي انه دفن في الحجر ، ولذلك سمي حجر إسماعيل ، لا حيال الحجر الأسود . ولعل الأسود زيادة تحريف من النساخ . [3] كذا ، وقد مر تأكيد المسعودي في نسب قحطان : أنه قحطان بن عابر ، وأن جرهم هو ابن قحطان . وفي موضع آخر ان جرهم هو الجد الثامن للحارث بن مضاض الجرهمي الذي نزل ببني جرهم بمكة . وهو الصحيح الذي يدل عليه ما مر من خبر علي بن إبراهيم القمي عن الصادق ( عليه السلام ) ، في تفسيره : 1 : 61 .