وكان الفرس الساسانيون يحكمون العراق ، ولكن القرى والمزارع العراقية الساسانية كانت تتعرض من حين لآخر لغارات القبائل العربية البدوية من ناحية بادية الصحراء الحجازية ، فكانوا بحاجة إلى عرب يملكونهم على ثغور العراق فيكفونهم غارات البدو ، فملكوا هؤلاء اللخميين . وبنى هؤلاء اللخميون في هذه المنطقة عددا من المدن أو القرى والقلاع أهمها الحيرة قرب الكوفة على حافة بادية الصحراء الحجازية ، ولفظ الحيرة تحرف عن حرتا السريانية وتعني القبة والحرم ، أو المعسكر والمخيم [1] وساعد جو هذا البلد ومناخه وماؤه على عمرانه والحضارة فيه ، ومن مظاهر الحضارة فيه أنهم تعرفوا على الخط والكتابة به ، ومنهم انتقل إلى عرب الحجاز [2] . ومن تاريخهم المنقول نكتفي نحن هنا بما ذكره اليعقوبي والمسعودي ونعلق عليه بما يلزم : نقل اليعقوبي عن أهل العلم بالرواية قالوا : لما تفرق أهل اليمن ، قدم مالك بن فهم بن غنم بن دوس ، حتى نزل أرض العراق في أيام ملوك الطوائف ( الفرس ) فأصاب قوما من العرب من معد وغيرهم بالجزيرة ( الموصل ) فملكوه عليهم عشرين سنة . وتكهن جذيمة الأبرش ( التنوخي ) ، وعمل صنمين سماهما ( الضيزنان ) واستهوى بهما أحياء من العرب ، وصار بهم إلى العراق ، فسار من ارض البصرة إلى ارض الجزيرة ( الموصل ) حتى صار إلى ناحية على شط الفرات
[1] العصر الجاهلي ، لشوقي ضيف : 44 . [2] فتوح البلدان : 457 ط اورپا .