ففي الأخير ما يدل على أنه كان إله الهلاك والشر ، وبإزائه يعوق أي يكون عائقا عنه ، ويغوث أي يغيث منه [1] . ولعلها في أصلها مقتبسة من ثنوية المجوسية ، ولا سيما أنهم كانوا يقدمون قرابين النيران ، ويوقدونها لاستمطار السماء والاستسقاء ، وعند عقد أيمانهم وأحلافهم [2] . وكان هبل من عقيق أحمر على صورة إنسان ، يده اليمنى من ذهب . والقداح أمامه ، فإذا اختصموا في أمر أو أرادوا سفرا أو عملا أتوه فاستقسموا بالقداح عنده فما خرج انتهوا إليه وعملوا به ، ومنه ، فعل عبد المطلب لذبح ابنه عبد الله . ومنها للزواج ، ومنها للمواليد ، فإذا شكوا في مولود أهدوا إليه هدية ثم ضربوا بسهام الأزلام ( القداح ) فإن خرج ( الصريح ) كان الوليد صريحا في نسبه وأما إذا خرج ( ملصق ) دفعوه [3] . ومن الأصنام المشهورة : ذو الخلصة ، وهو صنم خثعم وبجيلة وأزد السراة ، وكان صخرة بيضاء عند منقوطة ( مروة ) منقوش عليها كهيئة التاج ، وكان في تبالة وله بيت يحجون إليه [4] ولا يخفى أن تركيب اسم الصنم ( ذو الخلصة ) يمني وكعبتها هي الكعبة اليمانية . وكان في حاضرة إمارة النبط ( ق 3 م - ق 2 م ) في " سلع " كما جاء في التوراة : أو " بطرا " كما هو اسمها لدى اليونان ولعله ترجمة يونانية لسلع العبرية أو السريانية معبد كبير لصنمهم ذي الشري [5] إله الخصب والخمر !
[1] العصر الجاهلي : 90 لشوقي ضيف . [2] الحيوان للجاحظ 4 : 461 فما بعد . [3] الأصنام للكلبي : 28 . وسيأتي تفصيل الأزلام في الصفحة : 90 . [4] الأصنام للكلبي والمحبر : 317 [5] الأصنام للكلبي : 37 ومادة الشري في لسان العرب وتاج العروس .