الأرض " [1] . إلا أن وجود هذه المستندات لا تدلنا على حضارة تسود كل أقطار الجزيرة العربية ، ولا سيما منطقة الحجاز التي لم تكن تتمتع بهذه الحضارة بل لم تشم شيئا من نسيمها ، وهذا هو الذي جعلها مصونة عن تصرف المتصرفين بالبلاد ، فلم يتوجه إليها نهم الروم والفرس اللذين كانا يقتسمان العالم آنذاك . والمقطوع به هو أنه لم يبق من هذه الحضارة حين ظهور الإسلام شئ يذكر . ونحن هنا نأتي بذكر قصة أسعد بن زرارة الخزرجي ، التي تبين لنا نقاطا كثيرة من حياة الناس في الحجاز : روى الشيخ الطبرسي في كتابه " إعلام الورى بأعلام الهدى " عن علي بن إبراهيم أنه قال : " كان بين الأوس والخزرج حرب قد بغوا فيها دهورا طويلة ، وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار ، وكان آخر حرب بينهم يوم بغاث وكانت للأوس على الخزرج ، فخرج أسعد بن زرارة وذكوان إلى مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس ، وكان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة ، فنزل عليه فقال له : إنه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئناكم نطلب الحلف عليهم . فقال عتبة : بعدت دارنا عن داركم ولنا شغل لا نتفرغ معه لشئ ! قال : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم ؟ قال عتبة : خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله ، سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا .