ذلك ، ذلك لأن التأريخ قد دون بأيد قد تكون أمينة ولكن لا على الإطلاق ولا سيما بالنسبة لأسناد ما دونوا من أخبار ، وعلى هذا ، فلا بد من ملاحظة أكثر ما يمكن للتأكد من عدم الجعل والتحريف فيها قبل قبولها على أنها من التأريخ المعتمد عليه . وبكثرة الأكاذيب والأباطيل في الأحاديث والأقاويل التأريخية ، بسبب تلاعب الأهواء المذهبية والسياسية كما سبق ، فان الاستناد إلى أفراد معينين من المؤرخين أو نوعية معينة من الكتب التأريخية ربما تحرم الباحث من كثير من الحقائق التأريخية المبعثرة هنا وهناك ، والتي أمكن لها أن تصل إلينا عبر الموانع المتعددة سليمة من كثير من التحريف ، بما أن الساسة لم يروها ، أو لم يروا فيها ما يشكل خطرا عليهم ، وكذلك المتعصبون من أرباب المذاهب ، فبقيت بعيدة عن متناول أيديهم ورماحهم وغوغائهم ، وآمنة من تعنت المتعصبين وجبروت الطواغيت كي نتلقفها اليوم بسلام . دراستنا نحن للتأريخ : ونحن هنا نحاول بدورنا أن نستخلص صورة نقية واضحة ما أمكننا من تأريخنا تأريخ الإسلام ، وبصورة أساسية نهتم لنبتعد عن ذلك القسم الموضوع المكذوب من النقول التأريخية ، والتي لا تعدو في الحقيقة والواقع عن أوهام من خيالات أصحاب الأهواء والأغراض من المحدثين والقصاصين . والبداية الطبيعية لتأريخ الإسلام هي سيرة الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) ، وهذه البداية الطبيعية تفرض علينا أن نلاحظ أولا شيئا عن تأريخ ما قبل البعثة النبوية الشريفة ، كي نتعرف على المناخ والجو الذي ظهر فيه الإسلام إلى