الشؤون الاعتقادية ، وإلى وسائل البحث في الجغرافيا ، ووسائل البحث في أي علم إنساني ، باعتبار أن هدفه الأساس ، هو الكشف عن دور وتأثيرات الكائن البشري في الواقع الخارجي . وهذه التأثيرات تختلف وتتفاوت ، فربما تصب في خانة التكوين الاجتماعي ، أو التكوين النفسي ، أو الرؤية والفهم لواقع وحقيقة إنسان ما ، أو مجتمع ما ، أو تصب في خانة التحولات والتقلبات الطبيعية التي مرت على أمة من الأمم ، أو شعب من الشعوب وتأثرت أو تأثر بها ، ومن خلال هذا التأثير تنطلق هي لتمارس سلوكاً ، أو لتسجل موقفاً على أساس هذه الخلفية التي نشأت من خلال التأثر بالأحداث . إذن فليس لنا أن نحدد للباحث التاريخي نقطة للبدء ؛ لأن كل النقاط مرشحة لأن تكون هي البداية لمعالجة ما يريد معالجته ، ويريد أن يعرف الصحيح من غير الصحيح فيه ، فهو إنما ينظر في العناصر المكونة لهذا الحدث ، والمؤثرة فيه ، والناتجة عنه ، ولكل عنصر جذوره في نهج آخر أو في علم آخر أو جو آخر ، الأمر الذي يدفع به إلى أن يلاحق هذه الجذور ، ويبحث عنها ويكتشفها . إذن فقد يضطر الباحث التاريخي لأن يمارس دور الباحثين في علوم ومجالات أخرى ، حتى بالنسبة لقضية واحدة يواجهها ، لأن هذه القضية كما قلت قد ترتبط بالتكوين الفكري وقد ترتبط بالتكوين النفسي ، أو الحالات الروحية للإنسان ، وقد ترتبط بوضع معين في العلاقات السياسية ، أو لها ارتباط في النواحي العقائدية وما إلى ذلك .