بكرامته ، قال تعالى : * ( يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاء ) * [1] . وقال سبحانه : * ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) * [2] . ترسيخ حالة الشهود بالجهاد الأكبر : وقد عبر الإسلام عن جهاد الإنسان لنفسه ب « الجهاد الأكبر » ، لأنه صراع الإنسان مع أحب شيء وأعز ما ومن في الوجود عليه ، وآثرهم لديه . وهو نفسه الأمارة - وليست اللّوامة - التي بين جنبيه . ذلك العدو القوي الذي يملك عليه مشاعره ، وأحاسيسه ، وعقله ، ولا يمكنه أن يقتنع أو أن يتوهم أنه عدو له . كما أنهّ العدو الذي لا يمكن القضاء عليه ، ولا الانفصال عنه ، ولا التخلص منه ، ولا إنهاء حالة الصراع معه . وإن نجاح الإنسان في الجهاد الأكبر هذا يمنحه الفرصة للوصول إلى حالة الشهود تلك ، لتزيد فيه قوة ورسوخاً ، ولتطرد في تكاملها وتناميها ، فيرى الأمور على حقيقتها ، ولا تقتصر رؤيته على حيثيات الزينة الدنيوية وحسب . وبسبب تنامي درجة الشهود ، وكنتيجة طبيعية لدرجة الإدراك الموضوعي لحقائق الأمور ، بعيداً عن الزبارج والبهارج ، وبتفاعل جديد في حركة دائرية مطردة ، يتم إنتاج مفردات جهادية جديدة : بالنفس ، وبالمال وبسواهما . ويترسخ اليقين بهدف خلق الله الكون والحياة ، كنتيجة طبيعية لدرجة ومستوى إحساسه وعيشه مع الله سبحانه ، وانسجامه مع ألطافه وأهدافه ، ومدى استعداده للحصول
[1] سورة آل عمران ، الآية 140 . [2] سورة محمد ، الآية 17 .