وما إلى ذلك . فهذا موقع الموت ، وهذه هي حساسيته ، وبذلك تظهر أهميته . الشهادة في معناها ومغزاها : وإذ قد عرفنا ، ولو بصورة موجزة ماذا يعني الموت للإنسان المؤمن ، ولغيره . . فإن ذلك يفتح أمامنا باب معرفة ما يعنيه الموت إذا كان قتلاً وتضحية في سبيل الله سبحانه ، وفي سبيل المستضعفين في الأرض . ولتوضيح ما نرمي إليه هنا نبادر إلى القول : إن القرآن عندما استعمل كلمة شهيد ، وشهداء ، لم يرد بها مجرد القتل المذكور إلا بما هو مختزن لأمر جليل ، وخطير ، جعله هو العنوان الحاكي لهذا القتل ، والمعبر عنه . ولكنه عنوان قد استهلك هذا المعنون في داخله ، وأصبح هو معناه ومغزاه ، والعنوان هو الشهيد . والشهداء . . وهي كلمة تعني حضور الحدث بصورة واعية . فالشهيد - التي تعني كثرة أو شدة وعمق الحضور الواعي - تشير إلى أن الشهيد قد أراد الوصول إلى كنه حقيقة الحياة ، وواقع الأمر وملامسته ، مع مزيد من الإدراك والوعي له ، وعميق الإحساس الوجداني والواقعي الحقيقي به ، ثم معرفة قيمته الحقيقية على ما هو عليه في نفس الأمر . فالشهود إذن هو تعبير جاد وصادق عن درجة من الحضور ، إذ قد يكون الإنسان حاضراً لواقعةٍ ما ، ولكنه لم يشهدها ، وذلك إذا لم يدركها بعمق راسخ ، تتشارك فيه قوى الإدراك الباطنة والظاهرة في الوصول وفي الحصول . وهذا الشهود يكون لكل مؤمن بدرجة ما ، سواء أكان قد قتل في سبيل