أما والله لولا أني لا أدري ما يوافق أمير المؤمنين لقاربت بين خطوك ! فقال محمد بن أبي حذيفة : والله مالك إلى ذلك سبيل ، ولو هممت به ما قدرت عليه ! قال : فكُفَّ خيرٌ لك ، والله لا تركب معنا . قال : فأركب مع المسلمين . قال : إركب حيث شئت . قال : فركب في مركب وحده ما معه إلا القبط حتى بلغوا ذات الصواري ، فلقوا جموع الروم في خمس مائة مركب أو ست مائة ، فيها القسطنطين بن هرقل فقال : أشيروا عليَّ . قالوا : ننظر الليلة ، فباتوا يضربون بالنواقيس ، وبات المسلمون يصلون ويدعون الله . ثم أصبحوا وقد أجمع القسطنطين أن يقاتل فقربوا سفنهم وقرب المسلمون فربطوا بعضها إلى بعض ، وصفَّ عبد الله بن سعد المسلمين على نواحي السفن ، وجعل يأمرهم بقراءة القرآن ، ويأمرهم بالصبر . ووثبت الروم في سفن المسلمين على صفوفهم حتى نقضوها ، فكانوا يقاتلون على غير صفوف . قال : فاقتتلوا قتالاً شديداً . ثم إن الله نصر المؤمنين فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، لم ينج من الروم إلا الشريد . قال : وأقام عبد الله بذات الصواري أياماً ، بعد هزيمة القوم ، ثم أقبل راجعاً ، وجعل محمد بن أبي حذيفة يقول للرجل : أما والله لقد تركنا خلفنا الجهاد حقاً ، فيقول الرجل : وأي جهاد ؟ فيقول : عثمان بن عفان فعل كذا