تلك المواقيت ، وأجزل تلك الأقسام ، وإن كانت كلها لله ، إذا صلحت فيها النية وسلمت منها الرعية . وليكن في خاصة ما تخلص به لله دينك ، إقامة فرائضه التي هي له خاصة ، فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك ، ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك كاملاً غير مثلوم ولا منقوص ، بالغاً من بدنك ما بلغ . وإذا أقمت في صلاتك للناس فلا تكونن منفراً ولا مضيعاً ، فإن في الناس من به العلة وله الحاجة . وقد سألت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين وجهني إلى اليمن كيف أصلي بهم فقال : صل بهم كصلاة أضعفهم ، وكن بالمؤمنين رحيما . لقاءات الحاكم المباشرة مع الناس وأما بعد فلا تطولن احتجابك عن رعيتك ، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق ، وقلة علم بالأمور . والإحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه ، فيصغر عندهم الكبير ، ويعظم الصغير ، ويقبح الحسن ويحسن القبيح ، ويشاب الحق الحق بالباطل ، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور ، وليست على الحق سيماء تتعرف بها ضروب الصدق من الكذب ، وإنما أنت أحد رجلين : إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ، ففيم احتجابك من واجب حق تعطية ، أو فعل كريم تسديه ، أو مبتلى بالمنع ، فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك ، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مؤونة فيه عليك ، من شكاة مظلمة ، أو طلب إنصاف في معاملة . ثم إن للوالي خاصة وبطانة ، فيهم استئثار ، وتطاول ، وقلة إنصاف في معاملة ، فاحسم مادة أولئك ، بقطع أسباب تلك الأحوال .