سياسة الحاكم مع ولاة المحافظات ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً ، ولا تولهم محاباة وأثرةً ، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة ، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء ، من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة ، فإنهم أكرم أخلاقاً ، وأصح أعراضاً ، وأقل في المطامع إشرافاً ، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً . ثم أسبغ عليهم الأرزاق ، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم ، وغنىً لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك ، أو ثلموا أمانتك . جهاز المخابرات الخاص برئيس الدولة ثم تفقد أعمالهم ، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم ، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية . وتحفظ من الأعوان ، فإن أحدٌ منهم بسط يده إلى خيانة ، اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهداً ، فبسطت عليه العقوبة في بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثم نصبته بمقام المذلة ، ووسمته بالخيانة ، وقلدته عار التهمة . السياسة المالية والضرائبية وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله ، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن سواهم ، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم ، لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله . وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة . ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلاً ، فإن شكوا ثقلاً ، أو علة ، أو انقطاع شرب ، أو بالة ، أو إحالة أرض