وبالله إنه لا من أجل مال غضبنا ولا إياه أردنا ، فإن يجمع الله لنا ما نريد ونطلب ، ويؤتنا ما نتمنى فإن الدنيا والآخرة لله رب العالمين ، وقد يؤتيهما الله معاً عالماً من خلقه ، كما قال في كتابه : فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . عجل علينا بخيلك ورجلك ، فإن عدونا قد كان علينا حرباً ، وكنا فيهم قليلاً ، وقد أصبحوا لنا هائبين وأصبحنا لهم منابذين فإن يأتنا مدد من قبلك يفتح الله عليك . ولا قوة إلا به وهو حسبنا ونعم الوكيل . قال : فجاء هذا الكتاب معاوية وهو يومئذ بفلسطين ، فدعا النفر الذين سميناهم من قريش وغيرهم وأقرأهم الكتاب وقال لهم : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى أن تبعث إليهم جنداً من قبلك ، فإنك مفتتحها إن شاء الله . قال معاوية : فتجهز إليها يا أبا عبد الله يعني عمرو بن العاص فبعثه في ستة آلاف رجل ، فخرج يسير وخرج معه معاوية يودعه فقال له معاوية عند وداعه إياه : أوصيك بتقوى الله يا عمرو ، وبالرفق فإنه يمن ، وبالتؤدة فإن العجلة من الشيطان ، وبأن تقبل من أقبل ، وأن تعفو عمن أدبر ، أنظره فإن تاب وأناب قبلت منه ، وإن أبى فإن السطوة بعد المعرفة أبلغ في الحجة وأحسن في العاقبة ، وادع الناس إلى الصلح والجماعة ، فإن أنت ظفرت ، فليكن أنصارك آثر الناس عندك ، وكل الناس فأول حسناً .