فأقبل معاوية على أصحابه وقال : إن هذا يعني ابن العاص قد ظن وقد حقق ظنه ، قالوا له : لكنا لا ندري ولعل أبا عبد الله قد أصاب . فقال عمرو : وأنا أبو عبد الله إن أشبه الظنون ما شابه اليقين . ثم إن معاوية حمد الله وأثنى عليه وقال : أما بعد فقد رأيتم كيف صنع الله لكم في حربكم هذه على عدوكم ، ولقد جاؤوكم وهم لا يشكون أنهم يستأصلون بيضتكم ويحوزون بلادكم . ما كانوا يرون إلا أنكم في أيديهم ، فردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكفاكم مؤونتهم وحاكمتموهم إلى الله فحكم لكم عليهم ، ثم جمع لنا كلمتنا ، وأصلح ذات بيننا ، وجعلهم أعداء متفرقين ، يشهد بعضهم على بعض بالكفر ، ويسفك بعضم دم بعض ، والله إني لأرجو أن يتم الله لنا هذا الأمر . وقد رأيت أن أحاول حرب مصر ، فماذا ترون ؟ فقال له عمرو : قد أخبرتك عما سألت ، وأشرت عليك بما سمعت . فقال معاوية للقوم : ما ترون ؟ فقالوا : نرى ما رأى عمرو . فقال معاوية : إن عمراً قد عزم وصرم بما قال ، ولم يفسر كيف ينبغي أن نصنع . قال عمرو : فإني أشير عليك كيف تصنع ، أرى أن تبعث جيشاً كثيفاً ، عليهم رجل صارم تأمنه وتثق به ، فيأتي مصر فيدخلها فإنه سيأتيه من كان من أهلها على مثل رأينا فيظاهره على من كان بها من عدونا ، فإن اجتمع بها جندك ومن كان بها