أقول : يظهر أن سياسة النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) أن يكون العلم في الأمة حتى ظهور المهدي ( عليه السلام ) ، محصوراً بالقرآن ، وما روته الأمة عن النبي والأئمة صلوات الله عليهم ، بطرقها العادية . لذلك أملى النبي ( صلى الله عليه وآله ) كتباً وقال لعلي ( عليه السلام ) : أكتب لك ولشركائك . وجعلها عند علي والأئمة ( عليهم السلام ) حتى يظهر المهدي ( عليه السلام ) فيظهرها . وكأن ذلك عملٌ بقوله تعالى : وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ . ويبدو أن ما كتبه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لمحمد بن أبي بكر كان علماً خاصاً به ، لا يريد أن يصل إلى أعدائه . وقد روي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تأسف على وقوع تلك الكُتب في يد معاوية ، ووصف عمله بأنه خطأ وعثرة ! ففي الغارات : 1 / 252 ، عن عبد الله بن سلمة قال : صلى بنا علي ( عليه السلام ) فلما انصرف قال : < شعر > لقد عثرتُ عثرةً لا أعتذرْ * سوف أكِيسُ بعدها وأستمرْ < / شعر > وأجمع الأمر الشَّتيتَ المنتشر قلنا : ما بالك يا أمير المؤمنين ، سمعنا منك كذا ؟ قال : إني استعملت محمد بن أبي بكر على مصر ، فكتب إلي أنه لا علم لي بالسنة ، فكتبت إليه كتاباً فيه السنة فقتل وأخذ الكتاب ) . وإذا صح ذلك فهو خطأ بمعنى ترك الأولى ، لا بمعنى فعل الحرام . على أنه ( عليه السلام ) استهد ببيت الشعر ، وليس في ذلك تصريح بالخطأ .