« لما ولَّى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتاباً ، وأمره أن يقرأه على أهل مصر ويعمل بما وصاه به ، فكان الكتاب : بسم الله الرّحمن الرّحيم . من عبد الله أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن أبي بكر : سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلَّا هو ، أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون ، فإنّ الله تعالى يقول : كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ، ويقول : ويُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَه وإِلَى الله الْمَصِيرُ . ويقول : فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ . واعلموا عباد الله أن الله عزَّ وجلَّ سائلكم عن الصغير من أعمالكم والكبير فإن يعذِّب فنحن أظلم ، وإن يعفُ فهو أرحم الرّاحمين . يا عباد الله إنّ أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل لله بطاعته وبنصحه في التوبة . عليكم بتقوى الله ، فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها ، من خير الدنيا والآخرة قال الله عزّ وجلّ : وقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِه الدُّنْيا حَسَنَةٌ ولَدارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ولَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ . إعلموا يا عباد الله أنّ المؤمن يعمل من الثواب لثلاث : أمّا الخير فإنّ الله يثيبه بعمله في دنياه ، قال الله سبحانه لإبراهيم : وآتَيْناه أَجْرَه فِي الدُّنْيا وإِنَّه فِي