160 - ، [1] مجاف للحقيقة عار عن التحقيق . إذ أن فن الرجال كما شاهدنا ، بدأ في القرن الأول ، وقد وضع كتاب في هذا الفن بمعرفة عبيد الله بن أبي رافع قبل شعبة بأكثر من قرن .
ونظير هذا الخطا ان لم يكن اسوأ أن الأستاذ الفاضل الشيخ محمد أبو زهرة المصري المعاصر في كتابه « الامام الصادق » يزعم بغفلة ناجمة عن عدم التتبع الكافي في مصادر الشيعة وماخذهم ، لا عن الانتماء الفرقي والعصبية ، أن فهرست الشيخ الطوسي أول كتاب رجالي عند الشيعة فاثنى على الشيخ الثناء الوافد ومجده أكبر التمجيد [2] باعتباره فاتحا لطريق جديد إلى أفق الثقافة الشيعية بوسيلة هذا المعبر . ان هذا الحكم دليل على عدم تدقيقه في كتاب الفهرست بالذات ، إذ أن الشيخ نفسه أشار في مقدمة الكتاب إلى كتب أخرى في نفس المجال ألفت بمعرفة العلماء السابقين .
وكائنا ما كان ، فان تأليف وتدوين كتب الرجال الذي اكتسب حالة نسبية من الذيوع والانتشار في القرن الثالث الهجري ، قد صار في القرن الرابع وبنفس النسبة أكثر شيوعا وتنوعا وجامعية .
والظاهرة التي يمكن استخلاصها من دراسة الكثير من كتب الرجال في هذا القرن هي أن هذه الكتب ألفت في موضوعات أكثر محدودية وانحصارا ، وكأنما راجت سنة التخصص في هذا القرن وأصبحت الفروع التخصصية والموضوعات المتنوعة مورد نظر الخبراء وعلماء الفن بصورة مستقلة . مما يعتبر في حد ذاته دليلا على اتساع دائرة هذا العلم في القرن المذكور .
فمثلا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة ( المتوفى سنة 332 أو 332 ) [3] كما ذكرنا ، جمع كتابا اشتمل على رجال الامام الصادق ع وذكر فيه أسماء أربعة آلاف شخص تشرفوا بصحبته ع والرواية عنه . وأبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري كتب كتابين عن مؤلفي الشيعة ( يعني ما نطلق عليه اصطلاحا « فهرست » ) وكتابا آخر اشتمل على أسماء الرواة الضعفاء وغير الموثقين باسم « الضعفاء » . [4] والقاضي أبو بكر بن عمر الجعابي البغدادي ( المتوفى سنة 355 ) من كان قمة زمانه في الحديث والرجال [5] ألف كتابا كبيرا باسم « الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم » في طبقات رواة الشيعة ، سمعه الشيخ النجاشي ، وكتابا آخر في « شرح طبقات أصحاب الحديث في بغداد » [6] ووضع عدة كتب اخرى في موضوعات محدودة ترتبط برواة الحديث . [7] ومجموعة اخرى من الكتب الرجالية المعروفة في القرن الرابع كالآتي .
رجال ابن داود القمي ( المتوفى سنة 368 ) في باب الممدوحين والمذمومين .
رجال محمد بن علي بن بابويه المعروف بالصدوق ( المتوفى سنة 381 ) .
فهرست حسن بن محمد بن الوليد القمي ، أستاذ الصدوق وقميين آخرين .
كتاب الطبقات لابن دول ( المتوفى سنة 350 ) .
كتاب رجال الكليني ، محمد بن يعقوب مؤلف كتاب الكافي المعروف ( المتوفى سنة 328 أو 329 ) رسالة معروف [ إلى ] أبي غالب الزراري إلى حفيده في تراجم آل أعين و . . . التي حررت سنة 356 مرة وبعد 11 سنة يعني 367 حررت مرة اخرى .
والأشهر منها جميعا كتاب « معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين ع » [8] تأليف الشيخ أبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي ( المتوفى في حدود منتصف القرن الرابع ) [9] وتوجد منه في الحال الحاضر خلاصة منتخبة باسم « اختيار الرجال » والنسخة المطبوعة معروفة وفي متناول الأيدي .
وفي حدود النصف الأول من القرن الخامس الهجري يعني بعد مرور ثلاث قرون على تأليف أول كتاب رجالي ، وضعت الأصول الأربعة الرجالية ، أي الكتب الأربعة المشهورة مورد استناد هذا العلم ، التي تشكلت من تركيب المصنفات السابقة وتصحيحها واندماجها ، فبدأ فصل جديد في تاريخ هذا العلم . ولحسن الحظ بقيت هذه الكتب الأربعة مصونة طول الزمان من تطاول يد الحدثان ، وظل أصلها باقيا حتى يوم الناس هذا ، وقد تكرر طبع بعضها .
وهي عبارة عن :
اختيار الرجال الفهرست الرجال وثلاثتها تأليف الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( المتوفى 460 ) .
وكتاب الفهرست المعروف « برجال النجاشي » تأليف أحمد بن علي النجاشي ( المتوفى سنة 450 ) . [10] المتوفى 380 أو 385 زائدة جدا . والظن الغالب صحة الاحتمال الثاني . وذلك يعلم بالرجوع إلى « فرحة الغري » تأليف عبد الكريم بن طاوس .

[1] تأسيس الشيعة لفنون الإسلام - تأليف السيد حسن الصدر ( المتوفى سنة 1354 ) / 233 . وقدسها قلم العلامة المذكور فاثبت وفاة شعبة سنة 260 وظنه متأخرا عن ابن جبلة ، واعتبر عبد الله بن جبلة أول مؤلف في علم الرجال .
[2] الامام الصادق : طبع مصر / 458 .
[3] اثبت الشيخ وفاته في الفهرست سنة 333 وذكر في كتاب الرجال انها سنة 332 . والمحقق الشوشتري في قاموس الرجال استصوب القول الأول . القاموس ، ج 1 / 397 .
[4] اكتشف هذا الكتاب لأول مرة جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن طاوس الحلي ( المتوفى سنة 673 ) وأدرجه في كتابه « حل الاشكال » وهو مجموعة شاملة لهذا الكتاب والأصول الأربعة لعلم الرجال . ثم استخرجه المولى عبد الله التستري بعد ذلك من حل الأشكال ودونه على حدة . لمزيد من [ الاصلاع ] الاطلاع ارجع إلى الذريعة ج 10 .
[5] قاموس الرجال ، ج 8 / 323 نقلا عن أنساب السمعاني .
[6] الذريعة ، ج 1 / 323 .
[7] الفهرست ، طبع النجف / 178 والقاموس ، ج 8 / 322 .
[8] تكلمنا عن اسم هذا الكتاب بالتفصيل في القسم الخاص ب « اختيار الرجال » .
[9] بناء على قول السيد محمد صادق بحر العلوم في مقدمة رجال الشيخ طبع النجف / 61 .
[10] تأسيس الشيعة لفنون الإسلام - تأليف السيد حسن الصدر ( المتوفى سنة 1354 ) / 233 . وقدسها قلم العلامة المذكور فاثبت وفاة شعبة سنة 260 وظنه متأخرا عن ابن جبلة ، واعتبر عبد الله بن جبلة أول مؤلف في علم الرجال .

159