نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 486
إلفه لأهله ، وذَبَّه عن صاحبه ، قيل : فما أخذت من الغراب ؟ قال : شدة حذره ، قيل : فمن الخنزير ؟ قال : بكوره في حوائجه ، قيل : فمن الهرة ؟ قال : حسن نغمتها وتملقها لأهلها عند المسألة . ومن عاب مثل هذه الاشعار التي ترتاح لها القلوب ، وتحرك بها النفوس ، وتصغي إليها الاسماع ، وتشحذ بها الأذهان ، ويعلم كل من له قريحة وفضل ومعرفة ان قائلها قد بلغ في الإجادة أبعد غاية وأقصى نهاية ، فإنما غض من نفسه وطعن على معرفته واختياره . وقد روي عن ابن عباس أنه قال : الهوى إله معبود . واحتج بقوله تعالى : ( أفَرأَيْتَ من اتَّخَذَ إلهَه هواه ) . ولأبي تمام أشعار حسان ، ومعان لطاف ، واستخراجات بديعة . وحكي عن بعض العلماء بالشعر أنه سئل عن أبي تمام ، فقال : كأنه جمع شعر العالم ، فانتخب جوهره ، وقد كان أبو تمام ألَّفَ كتاباً وسمَّاه : « الحماسة » وفي الناس من يسميه كتاب « الخبية » انتخب فيه شعر الناس ، ظهر بعد وفاته . وقد صنف أبو بكر الصولي كتاباً جمع فيه اخبار أبي تمام وشعره وتصرفه في أنواع علومه ومذاهبه ، واستدل الصولي على ما وصف عن أبي تمام بما يوجد من شعره ، من ذلك قوله في صفة الخمر : < شعر > جَهْمية الأوصاف ، إلا أنهم قد لَقَّبوها جوهر الأشياء < / شعر > وقد رثته الشعراء بعد وفاته ، والأدباء من إخوانه : منهم الحسن بن وهب الكاتب ، وكان شاعراً ظريفاً له حظ في المنثور والمنظوم ، فقال : < شعر > سقى بالموصل الجَدَثَ الغريبا سحائِبُ ينتحبن له نحيبا إذا أطلنه أطلن فيه شعيب المزن يتبعها شعيبا ولَطَّمت البروق له خدوداً وشَقَّقت الرعود له جيوبا < / شعر >
486
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 486