نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 404
الغربي ، وعملت المنجنيقات بين الفريقين وكثر الحريق والهدم ببغداد والكرخ وغيره من الجانبين ، حتى درست محاسنها ، واشتد الأمر ، وتنقل الناس من موضع إلى موضع ، وعم الخوف ، فقال الشاعر : < شعر > من ذا أصابك يا بغداد بالعين ألم تكوني زماناً قرة العين ؟ ألم يكن فيك قوم كان قربهم وكان مسكنهم زيناً من الزين ؟ صاح الزمان بهم بالمبين فانقرضوا ما ذا لقيت بهم من لوعة البين ؟ استودع الله قوماً ما ذكرتهم إلا تحدَّر ماء الدمع من عيني كانوا ففرَّقهم دهر وصدّعهم والدهر يصدع ما بين الفريقين < / شعر > ولم تزل الحرب قائمة بين الفريقين اربعة عشر شهراً ، وضاقت بغداد بأهلها ، وتعطلت المساجد ، وتركت الصلاة ، ونزل بها ما لم ينزل بها قط مثله ، مذ بناها ابو جعفر المنصور ، وقد كان لأهل بغداد في ايام حرب المستعين والمعتز حرب نحو هذا من خروج العيارين الى الحرب وقد اتخذوا خيلًا منهم وأمراء كالملقب بنينويه خالويه وغيرهم ، يركب الواحد منهم على واحد من العيارين ويسير الى الحرب في خمسين ألف عراة ، ولم ينزل بأهل بغداد شر من هذا الحرب حرب المأمون والمخلوع ، وقد استعظم أهل بغداد ما نزل بهم في هذا الوقت في سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة من خروج أبي إسحاق المتقي لله عنهم ، وما كان قبل هذا الوقت من البريديين ، وابن رائق وتوزون التركي ، وما دفعوا اليه من الوحشة بخروج أبي محمد الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان الملقب بناصر الدولة وأخيه علي بن عبد الله الملقب بسيف الدولة عليهم ، لبعد العهد مما حلَّ بالمنازل بها ، وطول السنين ، وغيبة ذلك عنهم وبعدهم منه ، وتقدم مثل أولئك العيارين الذين كانوا في ذلك العصر ، واشتد الأمر بين المأمونية والعراة وغيرهم من اصحاب المخلوع ، وحوصِرَ محمد في قصره من الجانب الغربي ، فكان بينهم في بعض الأيام وقعة تفانى فيها خلق كثير من الفريقين ، فقال في ذلك حسين الخليع :
404
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 404