نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 353
الطريقة ، الأصيل الرأي ، الموثوق به في الأمر العظيم ، فإن مِلْتُ الى عبد الله أسخطت بني هاشم ، وإن أفردت محمداً بالأمر لم آمن تخليطه على الرعية . فأشِرْ عليَّ في هذا الأمر برأيك مشورة يعم فضلها ونفعها ، فإنك بحمد الله مبارك الرأي لطيف النظر ، فقال : يا أمير المؤمنين إن كل زلة مستقالة وكل رأي يتلافى [1] خلا هذا العهد ، فإن الخطأ فيه غير مأمون ، والزلة فيه لا تستدرك ، وللنظر فيه مجلس غير هذا ، فعلم الرشيد أنه يريد الخلوة فأمرني بالتنحي ، فقمت وقعدت ناحية بحيث أسمع كلامهما ، فما زالا في مناجاة ومناظرة طويلة حتى مضى الليل ، وافترقا على أن عقد الأمر لعبد الله بعد محمد . ودخلت أم جعفر على الرشيد فقالت : ما أنصفت ابنك محمداً حيث ولَّيتَه العراق وأعْرَيته عن العدد والقواد ، وصيرت ذلك الى عبد الله دونه ، فقال لها : وما أنت وتميز الأعمال واختبار الرجال ؟ إني وليَّت ابنك السِّلْم ، وعبد الله الحرب ، وصاحب الحرب أحوج إلى الرجال من المسالم ومع هذا فإنا نتخوف ابنك على عبد الله ، ولا نتخوف عبد الله على ابنك إن بويع . وفي سنة ست وثمانين ومائة خرج الرشيد حاجاً ومعه وليَّا عهده : الأمين والمأمون ، وكتب الشرطين بينهما وعلقهما في الكعبة . الرشيد يعلق كتاب العهد في الكعبة : وحكي عن إبراهيم الحَجَيِّ أن الكتاب لما رُفع ليعلق بالكعبة وقع ، فقلت في نفسي : وقع قبلَ أن يرتفع ، إن هذا الأمر سريع انتقاضه قبل تمامه . وحكي عن سعيد بن عامر البصري قال : حججت في هذه السنة وقد استعظم الناسُ أمر الشرط والأيمان في الكعبة ، فرأيت رجلًا من هذيل يقود بعيره وهو يقول :