نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 329
قال ابن دأب : فسر والله الهادي ، وظهرت منه اريحية ، فقال : يا عيسى داود بن علي هو القائل ذلك والقاتل لمن ذكرت بالحجاز ، ولقد اذكرتنيهما ، حتى كأني ما سمعتهما ، قلت : يا أمير المؤمنين ، وقد قيل : إنهما لعبد الله بن علي ، قالهما على نهر أبي فطرس ، قال : قد قيل ذلك . بعض فضائل مصر وبعض أخبارها وبعض عيوبها : قال ابن دأب : ثم تغلغل بنا الكلام والحديث الى أخبار مصر وعيوبها وفضائلها وأخبار نيلها ، فقال لي الهادي : فضائلها أكثر ، قلت : يا أمير المؤمنين هذه دعوى المصريين لها بغير برهان أوردوه ، والبينة على الدعوى ، وأهل العراق يأبَوْنَ هذه الدعوى ، ويذكرون ان عيوبها أكثر من فضائلها ، قال : مثل ما ذا ؟ قلت : يا أمير المؤمنين من عيوبها أنها لا تمطر ، وإذا أمطرت كرهوا ذلك ، وابتهلوا إلى الله بالدعاء وقد قال الله عز وجل ( وهو الذي يُرْسِلُ الرياح بُشْراً بين يدي رحمته ) فهذه رحمة مجللة لهذا الخلق وهم لها كارهون ، وهي لهم ضارة غير موافقة لا يزكو عليها زرعهم ولا تخصب عليها أرضهم ، ومن عيوبها الريح الجنوبية التي يسمونها المرِيسِيَّة ، وذلك أن أهل مصر يسمون أعالي الصعيد إلى بلاد النوبة مَريس ، فإذا هبت الريح المريسية - وهي الجنوبية - ثلاثة عشر يوماً تباعاً اشترى أهل مصر الأكفان والحنوط وأيقنوا بالوباء القاتل ، والبلاء الشامل [1] ، ثم من عيوبها اختلاف هوائها لأنهم في يوم واحد يغيرون ملابسهم مراراً كثيرة ، فيلبسون القُمُصَ مرة ، والمبطنات أخرى ، والحشو مرة ، وذلك لاختلاف جواهر الساعات بها ، ولتباين مَهابِّ الهواء فيها في سائر فصول السنة من الليل والنهار ، وهي تمير ولا تمتار ، فإذا أجدبوا هلكوا . وأما نيلها فكفاك الذي هو عليه من الخلاف لجميع الأنهار ، من الصغار والكبار ، وليس بالفرات ولا الدجلة ولا