نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 152
عندهم في النفس الكلية ، وصنف منهم ادعى أن الأرواح المنفردة - وهي الجن - تخبرهم بالأشياء قبل كونها ، وأن أرواحهم كانت قد صَفَتْ ، حتى صارت لتلك الأرواح من الجن متفقة [1] . وذهب قوم من النصارى أن السيد المسيح إنما كان يعلم الغائبات من الأمور ، ويخبر عن الأشياء قبل كونها ، لأنه كانت فيه نفس عالمة بالغيب ، ولو كانت تلك النفس في غيره من أشخاص الناطقين لكَان يعلم بالغيب ، ولا أمة خلت إلا وقد كان فيها كَهَانة ، ولم يكن الأوائل من الفلاسفة اليونانية يدفعون الكهانات ، وشُهِرَ فيهم أن فيثاغورس كان يعلم علوما من الغيب وضروباً من الوحي ، لصفاء نفسه وتجردها من أدران هذا العالم [2] ، والصابئة تذهب إلى أن أوريايس الأول وأوريايس [3] الثاني - وهما : هُرْمُس ، وأغاثيمون - كانوا يعلمون الغيب ، ولذلك كانوا أنبياء عند الصابئة ، ومنعوا أن تكون الجن أخبرت من ذكرنا بشيء من ضروب الغيب ، لكن صفت نفوسهم حتى اطلعوا على ما استتر عن غيرهم من جنسهم . وطائفة ذهبت إلى أن التكهن سبب نفساني لطيف يتولد من صفاء مزاج الطباع ، وقوة النفس ، ولطافة الحس . وذكر كثير من الناس أن الكهانة تكون من قبل شيطان يكون مع الكاهن يخبره بما غاب عنه ، وأن الشياطين كانت تسترق السمع وتلقيه على السنة الكهان فيؤدون إلى الناس الأخبار ، بحسب ما يرد إليهم ، وقد أخبر الله عز وجل بذلك في كتابه فقال : ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهبا )
[1] في نسخة : موافقة . [2] في نسخة : من أدناس هذا العالم . [3] في نسخة : أزياسيس وأوايس وأويس الثاني .
152
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 152