نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 86
أقبلت حية صغيرة حتى دَنَتْ منهم ، فحَصَبَها بعضهم بشيء في وجهها ، فرجعت ، فَشَدُّوا سفرتهم ثم قاموا فشدوا على إبلهم وارتحلوا من منزلهم ، فلما برزوا عن المنزل أشرفت عليهم عجوز من كثيب رمل متوكئة على عصا لها ، فقالت : ما منعكم أن تطعموا رحيمة الجارية اليتيمة ، التي جاءتكم عشية ؟ قالوا : ومن أنْتِ ؟ قالت : أم العوام ، أوتِمْتُ منذ أعوام ، أما ورب العباد لتفترقُنَّ في البلاد ، ثم ضربت بعصاها الأرض فأثارت بها الرمل ، وقالت : أطيلي إيابهم ، وأنْفِرِي ركابهم ، فوثبت الإبل فكأن على ذِرْوَةِ كل بعير منها شيطاناً ، ما نملك منها شيئاً ، حتى افترقت في البوادي ، فجمعناها من آخر النهار إلى غد ، ولم نكد ، فلما أنخناها لنرحلها طلعت علينا العجوز فعادت بالعصا كفعلها أولا ، وعادت إلى مقالتها : ما منعكم أن تطعموا رحيمة الجارية اليتيمة ؟ أطيلي إيابهم وانفرِي ركابهم ، فخرجت الإبل ما نملك منها شيئاً ، فجمعناها من آخر النهار إلى غد ، ولم نكد ، فلما أنخناها لنرحلها طلعت علينا العجوز ، ففعلت مثل فعلتها الأولى والثانية ، فتفرقت الإبل وأمسينا في ليلة مُقمرة ، وقد يئسنا من ظهورنا ، فقلنا لأمية بن أبي الصّلْتِ : أين ما كنت تخبرنا به عن نفسك ؟ فتوجه إلى ذلك الكثيب الذي كانت تأتي منه العجوز حتى هبط من ناحية اخرى ، ثم صعد كثيباً آخر حتى هبط منه ، ثم رفعت له كنيسة فيها قناديل ، وإذا رجل جالس أبيض الرأس واللحية . قال أمية : فلما وقفت عليه رفع رأسه إلي وقال : إنك لمتبوع . قلت : أجل . قال : فمن أين يأتيك صاحبك ؟ قلت : من أذني اليسرى . قال : فبأي الثياب يأمرك ؟ قلت : بالسواد . قال : هذا خَطْب الجن ، كدت ولم تفعل ، ولكن صاحب هذا الأمر يكلمه في أذنه اليمنى ، وأحَبُّ الثياب إليه البياضُ ، فما جاء بك ؟
86
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 86