نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 51
الأرض ، فاشتدَّت دَيَاجي الظلم ، فقام في الأرض داعياً إلى الله ، فأبَوْا إلا طغياناً وكفراً ، فدعا الله عليهم ، فأوحى الله إليه أن اصنع الفلك ، فلما فرغ من السفينة أتاه جبريل عليه السلام بتابوت آدم فيه رِمَّتُه ، وكان ركوبهم في السفينة يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من آذار ، فأقام نوح ومن معه في السفينة على ظهر الماء وقد غرق جميع الأرض خَمْسَةَ أشهرٍ ، ثم أمر الله تعالى الأرض أن تبتلع الماء والسماء أن تُقْلِع ، واستوت السفينة على الجُودِيِّ ، والجودي جبل ببلاد باسوري ، وجزيرة ابن عمر ببلاد الموصل ، وبينه وبين دجلة ثمانية فراسخ ، وموضع جُنُوح السفينة على رأس هذا الجبل إلى هذه الغاية . وذكر أن بعض الأرض لم يُسْرِع الى بَلعِ الماء ، ومنها ما أسرع إلى بَلعِه عند ما أمرت ، فما أطاع كان ماؤه عذباً إذا احتفر ، وما تأخر عن القبول أعقبها الله بماء مِلحٍ ، إذا احتفر ، وسباخٍ ، ومَلَّاحات ، ورمال ، وما تخلف من الماء الذي امتنعت الأرض من بلعه انحدر إلى قعور مواضع من الأرض ، فمن ذلك البحار ، وهي بقية الماء الذي عصت أرضه أهلك به أمم ، وسنذكر بعد هذا الموضع من كتابنا هذا أخبار البحار ووصفها . ونزل نوح من السفينة ومعه أولاده الثلاثة ، وهم : سام ، وحام ، ويافث ، وكَنَّاتُه [1] الثلاث أزواج أولاده ، وأربعون رجلًا ، وأربعون امرأة ، وصاروا إلى سفح الجبل ، فابتَنَوْا هنالك مدينة وسموها ثمانين ، وهو اسمها إلى وقتنا هذا ، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة ، ودَثَرَ عقبُ هؤلاء الثمانين نفساً ، وجعل الله نسل الخليقة
[1] الكنات : جمع كنة - بفتح الكاف وتشديد النون - وتجمع أيضاً على كنائن ، على غير قياس ، وقد ورد في بعض الأصول : كناته ، والكنة : امرأة الابن .
51
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 51