نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 451
ثم ما يظهر في وقتٍ من السنة من جباه الفيلة بأرض الهند ورؤسها من العرق الذي هو كالمسك ، والهند تراعي ظهور هذا الطيب في الفصل من الزمان الذي يكون فيه ، فتأخذه وتجعله على بعض أدهانها الطيبة ، فيكون أغلى طيبها والمستطرف عندها ، والذي تستعمله ملوكها وخواصها لضروب من المنافع منها طيب الرائحة والتجمر الذي قد فاق على سائر الطيب عندهم ، وما يؤثر في الإنسان عند شمه إياه واستعماله من ظهور الشبَق من الرجال والنساء والطلب للباه والاغتلام والطرب والنشاط والأريحية ، وكثير من فُتاك الهند وشجعانهم يستعمل هذا الدهن عند اللقاء والحرب ، لأن ذلك عندهم مما يشجع القلب ، ويقوي النفس ، ويبعثها على الاقدام ، وأكثر ما يظهر هذا النوع من العرق في جباه الفيلة في ذلك الفصل من السنة في حال اغتلامها وهيجانها ، وإذا كان ذلك منها هرب عنها سُوَّاسُها ورُعاتها ، ولا تفرق بين من تعرف وغيره من الناس ، وإذا وجد الفيل ما وصفنا سلك الأودية والجبال والغياض ، ونَدَّ عن بلده ، وغاب عن وطنه ، فإذا قدم على النوشان الذي هو الكركدن هرب حينئذ من الفيل ، ولا يقيم في الموضع الذي هو فيه ، لأن الفيل عند ذلك بحال السكران لا يعقل ولا يميز بين الكركدن الذي كان يخافه قبل ذلك وغيره ، فإذا خرج عنه ذلك الفصل من السنة واسترجع عاد الى بلاده على مسيرة شهر وأكثر من ذلك ، وهو في بقيةٍ من سكره ، فيبقى نحو ذلك المقدار الذي كان هيجانه فيه عليلا ، ولا يكون ذلك الا في الفحول من الفيلة وذوي الجراءة منها والاقدام ، وما ذكرنا من ظباء [1] المسك وغير ذلك مما عنه أمسكنا من عجائبه وخيراته وفيما ذكرنا تنبيه على غيره . وللهند خطب طويل في ظهور هذا النوع من الطيب في هذه الحالة من الفيلة ، والفرق بينه وبين سائر انواع الدواب وما يظهر من الفيل