نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 412
كل قطعة منها جرساً صغيراً حرصوا على أن يضعوا أساس المدينة دفعة واحدة من سائر أقطارها وأحب الاسكندر أن يجعل ذلك في وقت يختاره ذي طالع سعيد [1] ، فخفق الاسكندر برأسه وأخذته سِنَةٌ في حال ارتقابه الوقتَ المحمودَ المأخوذَ فيه الطالعُ ، فجاء غراب فجلس على حبل الجرس الكبير الذي فوق العمود فحركه ، وخرج صوت الجرس وتحركت الحبال ، وخفقت ما عليها من الاجراس الصغار ، وكان ذلك معمولًا بحركات فلسفية وحيل حكمية ، فلما رأى الصناع تحرك تلك الحبال وسمعوا تلك الأصوات وضعوا الأساس دفعة واحدة ، وارتفع الضجيج بالتحميد والتقديس ، فاستيقظ الاسكندر من رَقدَته وسأل عن الخبر ، فأخبر بذلك ، فعجب وقال : أردتُ أمراً وأراد الله غيره ، ويأبى الله الا ما يريد ، أردت طول بقائها ، وأراد الله سرعة فنائها وخرابها وتداول الملوك إياها . وإن الاسكندرية لما أحكم بنيانها وأثبت أساسها وجن الليل عليهم خرجت دواب من البحر فأتت على جميع ذلك البنيان فقال الإسكندر حين أصبح : هذا بدء الخراب في عمارتها ، وتحقق مراد الباري في زوالها ، وتطير من فعل الدواب ، فلم يزل البناء يُبْنَى في كل يوم ويحكم ، ويوكل به من يمنع الدواب إذا خرجت من البحر ، فيصبحون وقد أخرب البنيان ، فقلق الإسكندر لذلك ، وراعه ما رأى ، فأقبل يفكر ما الذي يصنع ، وأي حيلة تنفع [2] في دفع الأذية عن المدينة ، فسنحت له الحيلة في ليلته عند خلوته بنفسه وإيراده الأمورَ وإصدارها ، فلما أصبح دعا بالصناع فاتخذوا له تابوتاً من الخشب طوله عشرة أذرع في عرض خمس ، وجعلت فيه
[1] في بعض النسخ : وطالع سعد يأخذه . [2] في بعض النسخ : وأي حيلة يوقع .
412
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 412