نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 383
وقد كانت مصر - على ما زعم أهل الخبرة والعناية بأخبار شأن هذا العالم - يركب أرضَها ماء النيل وينبسط على بلاد الصعيد إلى أسفل الأرض ، وموضع الفسطاط في وقتنا هذا ، وقد كان بدء ذلك من موضع يعرف بالجنادل بين أسوان والحبشة [1] وقد قدمنا ذكر هذا الموضع فيما سلف من هذا الكتاب ، إلى أن عرض لذلك موانع من انتقال الماء وجريانه ، وما ينقل من التربة [2] بتياره من موضع إلى موضع فيصب من بعض المواضع من بلاد مصر على حسب ما وصفنا عن صاحب المنطق في عمران الأرض وخرابها فيما سلف من هذا الكتاب ، فسكن الناس بلاد مصر ، ولم يزل الماء ينصب عن أرضها قليلًا قليلًا حتى امتلأت أرض مصر من المدن والعمائر ، وطرقوا للماء ، وحَفَروا له الخلجانات ، وعقدوا في وجهه المسنّاة ، إلا أن ذلك خفي على ساكنيها ، لأن طول الزمان أذْهَبَ معرفة أول سكناهم كيف كان ذلك ، ولم نتعرض في هذا الكتاب لذكر العلة الموجبة لامتناع المطر بمصر ولا لكثير من أخبار الإسكندرية وكيفية بنائها ، والأمم التي تداولتها والملوك التي سكنتها من العرب وغيرهم ، لأنا قد أتينا على ذلك في الكتاب الأوسط ، وسنذكر بعد هذا الموضع جملًا من أخبارها ، وجوامع من كيفية بنائها ، وما كان من أمر الإسكندر فيها . بين ابن طولون ورجل مصر : قال المسعودي : وقد كان أحمد بن طولون بمصر بَلَغَه في سنة نيف وستين ومائتين أن رجلا بأعالي بلاد مصر من أرض الصعيد له ثلاثون ومائة سنة من الاقباط ، ممن يشار اليه بالعلم من لدن حداثته ، والنظر والاشراف على الآراء
[1] في بعض النسخ : من أسوان الحبشة . [2] في بعض النسخ : وما ينقل من النوبة بتياره .
383
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 383