نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 338
تكون في الرمل وفي جوف تراب الأرض ، فإذا أحست بالإنسان أو غيره من الحيوان وثبت من موضعها أذرعاً كثيرة فضربت بإحدى رأسيها إلى أي موضع من ذلك الحيوان ، فتلحقه من ساعته ضد الحياة وعدمها لحينه ، فبعثت قلبطرة هذه الملكة فاحتمل لها حية من هذه المقدم ذكرها التي توجد بأطراف الحجاز ، فلما أن كان اليوم الذي علمت أن أغسطس يدخل قصر ملكها أمرت بعض جواريها ومن أحَبَّتْ فَنَاءها قبلها ، وأن لا يلحقها العذابُ بعدها ، فسمتها في إنائها فخمدت من فورها ، ثم جلست قلبطرة الملكة على سرير ملكها ، ووضعت تاجها على رأسها ، وعليها ثيابها وزينة ملكها ، وجعلت أنواع الرياحين والزهر والفاكهة والطيب وما يجتمع بمصر من عجائب الرياحين وغيرها مما ذكرنا ، مبسوطة في مجلسها وقُدَّام سريرها ، وعهدت بما احتاجت إليه من أمورها ، وفرقت حشمها من حولها ، فاشتغلوا بأنفسهم عن ملكتهم ، لما قد غشيهم من عدوهم ودخوله عليهم في دار ملكهم ، وأدنت يدها من الإناء الزجاج الذي كانت فيه الحية ، فقربت يدها من فيه فتفلت عليها الحية ، فجفت مكانها ، وانسابت الحية وخرجت من الإناء ، ولم تجد جُحْراً ولا مذهباً تذهب فيه لإتقان تلك المجالس بالرخام والمرمر والأصباغ ، فدخلت في تلك الرياحين ، ودخل أغسطس حتى انتهى الى المجلس ، فنظر إليها جالسة والتاج على رأسها ، فلم يشك في أنها تنطق ، فدنا منها فتبين له أنها ميتة ، وأعجب بتلك الرياحين ، فمد يده الى كل نوع منها يلمسه ويتبينه [1] ويعجب خواص من معه به ، ولم يدر سبب موتها وهو يتأسف على ما فاته منها ، فبينما هو كذلك من تناول تلك الرياحين وشمها إذ قفزت عليه تلك