نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 327
ولا تخبره بشيء ، فلما ورد الرسول بالقدح ودفعه إلى الفيلسوف قال بصحة فهمه وتبينه للأمور [1] المتقنة المحكمة في نفسه : لأمرٍ ما بعث هذا الملك الحكيم بهذا السمن إلي ، وأجال فكره ، وسَبَر المراد به ، ثم دعا بنحو ألف إبرة فغرز أطرافها في السمن ، وأنفذها إلى الإسكندر ، فأمر الإسكندر بسبكها كرة مدورة ململة متساوية الأجزاء ، وأمر بردها إلى الفيلسوف ، فلما نظر إليها الفيلسوف وتأمل فعل الإسكندر فيها أمر ببسطها ، وبأن يتخذ منها مرآة بحضرته ، وصَقَلَها ، فصارت جسماً صقيلًا ترد صورة من قابلها من الأشخاص ، لشدة صفائها ، وزوال الدرن عنها ، وأمر بردها إلى الإسكندر ، فلما نظر إليها ، وتأمل حسن صورته فيها ، دعا بطست فجعل المرآة فيه ، وأمر بإراقة الماء فيه عليها حتى رسبت فيه ، وأمر بحمل ذلك إلى الفيلسوف ، فلما نظر الفيلسوف إلى ذلك أمر بالمرآة فجعل منها مشربة كالطرجهارة ، وجعلها في الطست فوق الماء ، فطفت فوقه ، وأمر بردها إلى الإسكندر ، فلما نظر الإسكندر إلى ذلك أمر بتراب ناعم فملئت منه ، وردها إلى الفيلسوف ، فلما نظر الفيلسوف إلى ذلك تغير لونه وحال ، وجزع وتغيرت صفاته ، وأسبل دموعه على صحن خده ، وكثر شهيقه ، وطال أنينه ، وظهر حنينه ، وأقام بقية يومه غير منتفع بنفسه ، ثم أفاق من ذلك الحال ، وزجر نفسه ، وأقبل عليها كالمعاتب لها ، وقال : ويحك يا نفس ! ما الذي قذف بك في هذه السُّدْفة وأصارك إلى هذه الغمة ، ووصلك بهذه الظلمة ؟ أنسيت [2] وأنت في النور تسرحين وفي العلوم تمرحين ، وتنظرين في الضياء الصادق ، وتنفسحين في العالم المشرق ؟ أنزلت إلى
[1] في بعض النسخ « وتأتيه للأمور » . [2] في بعض النسخ « ألست وأنت في النور - إلخ » .
327
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 327