نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 244
لا تستقيم أموره ولا تنتظم أحواله إلا باستقامة الرئيس الذي قدمنا ذكره علموا أن الناس لا يستقيمون إلا بملك ينصفهم ، ويوجه ويوجب العدل عليهم ، وينفذ الأحكام على ما يوجبه العقل بينهم ، فساروا إلى كيومرث بن لاوذ ، وعرَّفوه حاجتهم إلى ملك وقيم ، وقالوا : أنت أفضلنا وأشرفنا وأكبرنا ، وبقية أبينا ، وليس في العصر من يوازيك ، فرُدَّ أمرنا إليك ، وكن القائم فينا ، فإنا تحت سمعك وطاعتك ، والقائلون بما تراه ، فأجابهم إلى ما دعوه إليه ، واستوثق منهم بأكيد العهود والمواثيق على السمع والطاعة وترك الخلاف عليه ، فلما وضع التاج على رأسه ، وكان أول من ركب التاج على رأسه من اهل الأرض ، قام خطيباً وقال : إن النعم لا تدوم إلا بالشكر ، وإنا نحمد الله على أياديه ونشكره على نعمه ، ونرغب إليه في مزيده ، ونسأله المعونة على ما دفعنا إليه ، وحسن الهداية إلى العدل الذي به يجتمع الشمل ويصفو العيش ، فثقوا بالعدل منا ، وأنصفونا من أنفسكم ، نوردكم إلى أفضل ما في هممكم ، والسلام . فلم يزل كيومرث قائماً بالأمر ، حسن السيرة في الناس ، والحال آمنة ، والأمة ساكنة طول مدته إلى ان مات . ولهم في وضع التاج على الرأس أسرار يذكرونها أعرضنا عن ذكرها ، إذ كنا قد أتينا على ذلك في كتابنا « أخبار الزمان » وفي الكتاب الأوسط . وذكروا أن كيومرث أول من أمر بالسكوت بالسكون عند الطعام ، لتأخذ الطبيعة بقسطها فيصلح البدن بما يرد اليه من الغذاء ، وتسكن النفس عند ذلك ، فَتُدَبِّر كل عضو من الأعضاء تدبيراً يؤدي الى ما فيه صلاحه من أخذ صفو الطعام ، فيكون
244
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 244